ارتبطت أمية النبي محمد في أذهان المسلمين كحقيقة لا جدال حولها ،وكثيرا ما يوظفها المسلمون في الدفاع عن النص القرآني كنص إلهي موحى عبر جبريل إلى محمد،وبالتالي فإن محمدا كرجل أمي غير قادر على تأليف وكتابة هذا النص ، دون أن يعوا بذلك أنهم يقللون من معرفة محمد ، بل ويسيؤون إليه .
مراجع تاريخية كثيرة تثبت أن محمدا لم يكن أميا وكان يلم بأكثر من لغة ، حتى أن بعضها ذكر أكثر من أربعين لغة ، وبعضها اقتصر على سبع لغات ، وبعضها اقتصر على العربية والسريانية واليونانية والعبرية ،وبعضها ذكر العربية القرشية فقط . أما الأطرف فهو قول الشيعة الذي يتحدث عن اثنتين وسبعين لغة كان محمد يعرفها !!
لا بد من القول أن شبه جزيرة العرب واليمن كانتا تعجان باللهجات المختلفة التي كانت تعتبر كل واحدة منها لغة إضافة إلى لغات أخرى كان يتحدث بها أقوام . وكان النبي محمد يتنقل بين هذه الأقوام والطوائف ،وإذا ما أضفنا إلى ذلك تنقلات محمد التجارية إلى الشام والعراق وغيرهما ، سنجد أنه إطلع على لغات أخرى .
ولوقمنا بحسبة بسيطة على أربعين سنة فقط من حياة محمد ، وقلنا أنه لو تعلم حرفا واحدا من لغة ما كل شهر ، لكان قادرا على أن يلم بست عشرة لغة على الأقل في الأربعين سنة . ولن يكون ذلك غريبا على محمد الذكي والجاد الذي لا يقبل على نفسه أن يكون أميا .
معظم المصادر تجمع على أن الأمي هو الذي لم يكن لديه كتاب يقرأ فيه ، كاليهود الذين عندهم التوراة ، والنصارى الذين عندهم الأناجيل ، وليس لأنه لا يجيد القراءة والكتابة . وبعض هذه المصادر تشير إلى مراجع أخرى . وسأورد فيما يلي بعض
هذه النصوص :
هل كان محمد أميا لنقرأ الآيات التالية عن كلمة أمي وما معناها
قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ - ال عمران 93
وحسب تفسير القرطبي قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " فَلَمْ يَأْتُوا في هذه الآية يؤكد محمد على أنه قادر على تلاوة الكتاب المقدس ولكن اليهود لم يأتوا
" أن كلمة (أمي، أمم) هي اصطلاح توراتي، يهودي الأصل، كان العبرانيون القدماء يطلقونه للدلالة به على الأفراد والجماعات والشعوب الغير إسرائيلية، أي الغير كتابيين (الأميين).
في سورة آل عمران الآية 20 تأتي كلمة الأمي بمعناها الاصطلاحي قال إمام المفسرين الطبري في تفسيره للآية: وقل يا محمد للذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى, والأميين الذين لا كتاب لهم من مشركي العرب ( أأسلمتم) ؟ .
عن محمد بن إسحاق, عن محمد بن جعفر بن الزبير: {وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين} الذين لا كتاب لهم .
والأميين. الذين لا كتاب لهم وهم مشركو العرب
نستنج من كل ذلك أن روح القرآن بعيد عن تلك الجهة الاصطلاحية التي يراها القوم كيف والقرآن الكريم لما ذكرهم (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم) فعالج المشكلة بقوله تعالى (يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) فيفهم من هذا السياق أن سبب أميتهم عدم معرفتهم بالكتاب وعدم التزكية لنفوسهم ولأجل هذا الداء جاءت الرسالة بذلك الدواء.
وفي سورة الأنعام آية 156 إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ. قال الطبري في تفسيره لقوله:{وليقولوا درست}الأنعام 105: اختلفت القراء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قراء أهل المدينة والكوفة: {وليقولوا درست} يعني قرأت أنت يا محمد-;- بغير ألف.
ثم في آية اقرأ بسم ---إلخ
(إنه من العبث أن يخاطب الله رسوله بأن يقول له اقرأ بصيغة الأمر ..... وهذا مرده لأسباب ثلاث عملية أولها مرد الطبيعة في الإيمان أن الله أمره إن أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فلو كانت المسألة عدم معرفة لنفذ الأمر بالقراءة
(أن المفترض في القرآن بلاغة اللفظ وإعجاز الإرادة فكان أحق وأجدر لو أن الرسول لا يعرف القراءة أن يخاطبه الله بـ اتل أو قل أو ردد.
( أن آية (اقرأ باسم ربك ) وجواب النبي لجبريل (ما أنا بقارئ ما هو إلا إنكار مباشر وصريح لعلم الله عز وجل ، فعلى اعتبار أن الله علام الغيوب فإنه مما لا يقبله عقل أو منطق أن يخاطب من لا يعرف القراءة والكتابة بأمر اقرأ.
وأخيرا تربى النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة جده في كنف عمه أبي طالب. وقد كان حب عمه له أكبر من حبه لولديه وهنا يثور عظيم سؤال :
كيف كان لجعفر الطيار وعلي بن أبي طالب أن يتعلما القراءة والكتابة دون ابن عمهما الذي هو أصغر من الأول وأكبر من الثاني ؟
في وقت نعلم فيه أن التعلم كان ذا شرف مروم وهو ما يؤكد قطع الشك باليقين أن أبا طالب علم ابن أخيه بمعية ولديه.
محمد والتجارة حيث إنه من المعروف أن محمدا قام هو بالتجارة لأجل زوجته وقد نجح في ذلك إلى أبعد الحدود فكيف بشخص أمي أن يقوم على الأقل بالعمليات الحسابية وهو الذي قال إننا أمة لا نقرأ ولا نحسب حيث إن التجارة تتطلب على الأقل للحساب أن لم يكن هناك داع للكتابة
ثم إن هناك حادثة بيعة الرضوان وصلح الحديبية عندما كتب محمد بن عبد الله بدل محمد رسول الله فكيف كتب محمدا إن لم يكن يعرف الكتابة.
ولكم الشكر
( نقلا عن اسلام ويب )
بالنسبة للفكر الشيعي:
فالموضوع مختلف تماماً عن الفكر السني، فالشيعة يرون أن الرسول كان يقرأ ويكتب، بل لقد وصل عدد اللغات التي يتقنها إلى حوالي 72 لغة. ويستدلون على ذلك من القرآن والسنة.
القرآن:
(وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ)
(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِين)
فكما هو واضح فإن القرآن يذكر أن الرسول يكتب، وما دام يتقن الكتابة فهو يقرأ أيضاً، كذلك كيف سيعلم الكتاب والحكمة وهو لا يتقن القراءة والكتابة؟ أما موضوع النبي الأمي فقد فسرها الشيعة بأنه النبي المنسوب لمكة التي هي أم القرى.
السنة: تذخر كتب الشيعة بالعديد من الأحاديث التي تثبت أن النبي محمد كان يقرأ ويكتب، وأهم هذه الأحاديث
روى الصدوق [رحمه الله] بسنده عن جعفر بن محمد الصوفي، عن أبي جعفر الجواد[عليه السلام]: « فقلت: يابن رسول الله، لم سمي النبي الأمي؟!
فقال: ما يقول الناس؟
قلت: يزعمون: أنه إنما سمي الأمي؛ لأنه لم يحسن أن يكتب.
فقال [عليه السلام]: كذبوا عليهم لعنة الله، أنّى ذلك، والله يقول في محكم كتابه: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)( سورة الجمعة الآية3).
فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن؟. والله، لقد كان رسول الله [صلى الله عليه وآله] يقرأ ويكتب باثنين وسبعين لساناً، أو قال: بثلاثة وسبعين لساناً، وإنما سمي الأمي، لأنه كان من أهل مكة. ومكة من أمهات القرى، وذلك قول الله عز وجل: (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا)» (علل الشرايع ص124 والبحار ج16 ص132 وبصائر الدرجات ص245 والبرهان [تفسير] ج4 ص332 ونور الثقلين ج2 ص 78 وج5 ص322 ومعاني الأخبار والإختصاص).
وهناك الكثير والكثير من الأحاديث في هذا الموضوع تؤكد على أن النبي محمد كان يقرأ ويكتب، والشيعة تقول أن الرسول أخفى عن الناس أمر تعلمه لهذه اللغات حتى لا يقول الناس أنه كتب القرآن من مصادر أخرى
أمية النبي محمد بين السنة والشيعة
( راهب الفكر عن منتدى الملحدين العرب )
. من جهته يعتقد الفيلسوف والمفكر المغربى «الراحل» الدكتور محمد عابد الجابرى أن "أمية" النبى التى وردت فى الآيات القرآنية ليس المقصود بها الأمية القرائية، ولكن مقصود بها أنه كان من أمة لم يكن لها كتاب يقرأ مثل اليهود والنصارى، ويقول فى أحد مقالاته: "تمدنا المعاجم العربية بما تعتبره المعنى الأول الأصل للفظ "أمى"، فنقرأ فيها: "الأمى، الذى علـى خِلْقَة الأُمةِ، لم يَتَعَلم الكِتاب فهو على جِبِلة أمه، أى لا يَكتُبُ... فكأَنه نُسِب إلى ما يُولد عليه أى على ما وَلَدتْه أُمهُ عليه". وبهذا الاعتبار: قيل للعرب: الأُميون، لأن الكِتابة كانت فـيهم عَزيزة أو عَدِيمة". وقيل أيضا: والأُمي: العَيِى الجِلْف الجافى القَلـيلُ الكلام؛ قيل له أُمى لأنه على ما وَلَدَتْه أُمه عليه من قِلة الكلام وعُجْمَة اللسان".
ويؤكد أن لفظ الأميين يعنى الذين ليس لهم كتاب دينى سماوى، فهم إذن فى مقابل "أهل الكتاب"، وبالتحديد اليهود أصحاب التوراة والنصارى أصحاب الإنجيل.
ذكر الراغب الإصبهانى نقلا عن الفرا: الأميون: "هم العرب الذين لم يكن لهم كتاب"، وفى هذا المعنى يقول الشهرستاني: “وأهل الكتاب كانوا ينصرون دين الأسباط ويذهبون مذهب بنى إسرائيل، والأميون كانوا ينصرون دين القبائل ويذهبون مذهب بنى إسماعيل”، ليخرج فى النهاية بنتيجة أن كونه صلى الله عليه وسلم “نبيا أميا” معناها من أمة لا كتاب لها، لا يعنى بالضرورة أنه لم يكن يعرف القراءة والكتابة، كما أن وصف القرآن للعرب بكونهم “أميين” لا يفيد بالضرورة أنهم كانوا لا يقرأون ولا يكتبون.
عن موقع فيتو
أجمعت المصادر ان محمدا تعلم التجارة بين اليمن والشام على يد عمه. ولما برع فيها استخدمته خديجة بنت خويلد في تجارتها، " ثم خرج على تجارة خديجة، التي كانت قيمتها تعادل قيمة تجارة قريش مجتمعة. اي انه كان يخرج على نصف تجارة قريش كلها" ( عبد الرزاق نوفل: محمد رسولا نبيا ص 97). تجارة كهذه تحتاج الى الحساب الدقيق والحساب الكبير يحتاج الى تدوين. من هذا الوجه، هذا دليل أول على ان محمدا لم يكن اميا. ومن وجه آحر، هذه الرحلات المتواصله الغنية بين اليمن والشام، كانت سبب اتصالات ماليه وثقافة نادرة، سمحت لمحمد الحنيف اللقاء بالمفكرين وعلماء الدين. فكان محمد بعد زواجه أكبر تاجر دولي في قريش، وأوسع أهلها ثقافة عربية وأجنبية.
" وقد فهم الصحابة القرآن إجمالا، ولكن الفاظا غير قليلة استغلقت عليهم، بل ان بعضها لا يزال مستغلقا علينا الى اليوم على الرغم من أن وسيلة العلم ببعض اللغات القديمة قد توفرت لدينا" (محمد صبيح: عن القرآن ص 117).
يقول ويقول أيضا في ص116): ولم يقل أحد إن رسول الله لم يكن يعلم شيئا من أمر هذه اللغات التي تأثرت بها مكة،وأمر هذه الثقافات التي ذابت فيها.بل أكثر من هذا،فان لدينا من الحوادث ما يؤكد اتصال رسول الله،وهو في مكة،بهؤلاء الأجانب ، الذين كانوا يقيمون فيها،وكان يزورهم ويطيل صحبتهم.
فقد روي عن عبيد الله بن مسلم قال: كان لنا غلامان روميان يقرأان كتابا لهما بلسانهما،فكان النبي. يكر بهما فيقوم فيسمع منهما–(اذن كان محمد يعرف اليونانية)- وروي عن ابن اسحق أن رسول الله كثيرا ما كان يجلس عند المروة الى سبيعة،غلام نصراني يقال له جبر،غلام لبعض بني الحضرمي، وعن ابن عباس ان النبي كان يزور وهو في مكة،أعجميا اسمه بلعام، وكان المشركون يرونه يدخل عليه ويخرج من عنده- (وقد يكون حديثهما بالعربية،وقد يكون بالفارسية)- وفي رواية اخرى ان غلاما كان لحويطب بن عبد العزى،قد أسلم وحسن اسلامه، اسمه عاش أو يعيش،وكان صاحب كتيب،وقيل هما اثنان جبر ويسار، كانا يصنعان السيوف بمكة ويقرأان التوراة والانجيل (بالعبرية واليونانية،أو السريانية)؛ فكان رسول الله اذا مر عليهما وقف يسمع ما يقرأان.اذن فقد كان رسول الله يسمع ما يُقرأ في الكتب، بلغة غير لغة مكة، ويفهم ما يُتلى عليه".
فهذه شواهد ملموسه من القرآن والتاريخ والحديث وحتى علماء المسلمين، تدل على سعة علم محمد قبل بعثته وبعدها، وعلى اطلاعه على لغات العرب وعلى لغات أجنبية عديدة.
**************