في مكان ما بين اتساع الفضاء وخلود الزمن يضيع كوكبنا المعروف بالأرض
.
ستيفن هوكينخ من أبرز علماء الفيزياء النظرية على مستوى العالم، ولد في أكسفورد، إنكلترا عام 1942، درس في جامعة أكسفورد وكامبريدج للحصول على الدكتوراه في علم الكون، ومن خلال أبحاثه توصل الى الإجابة على هذا
السؤال: هل يوجد إله خلق الكون ويتحكم به؟
الجواب يكمن في معرفة القوانين الطبيعية وعن كيفية صنع الكون وكيف يعمل بالواقع، من زمن بعيد كان العالم مكانا مخيفا كانوا يؤمنون بوجود كائنات فوق طبيعية من أجل تفسير ظواهر طبيعية كالبرق أو العواصف، الثور إله البرق، يجير إله العواصف، سكول إله مسؤول عن الحادث المرعب الذي نسميه في الوقت الحاضر كسوف الشمس، كان سكول أحيانا يأكل الشمس، وينقلب النهار ليلا، فكم كانت هذه اللحظات مرعبة دون التفسير العلمي.
قوة الطبيعة: مثال كرة المضرب: القوى التي تتحكم بكرة المضرب ممكن توزيعها على مجموعتين: الأولى وهي قوانين اللعبة مثل مساحة الملعب وارتفاع الشبكة وما الذي يقرر أن كانت الضربة في الملعب أو خارجه, هذه القوانين يمكن تغييرها, والمجموعة الثانية من القوى الطبيعية التي تتحكم باللعبة فهي ثابتة لا يمكن تغييرها وهي التي تحكم ما لذي يجري للكرة عندما تضرب, قوة وزاوية المضرب وقت الضربة تقرران بالضبط ما يحدث بعد ذلك, اذا قوانين الطبيعة هي وصف لكيفية عمل الأشياء في الماضي والحاضر والمستقبل, وهي عمومية وشاملة بحيث ندرس حركة الكواكب من خلالها فقوانين الطبيعة لا يمكن تجاوزها أبدا, لهذا السبب هي قوية جدا وعندما نراها من منظور ديني نجدها مثيرة للخلاف والجدل أيضا, وبما أن قوانين الطبيعة ثابتة فما هو دور الله في ذلك؟
علماء الدين قرروا معاداة العلم لأنه ابتعادا عن العبودية للأديان وبما أن هذا كان مستحيلا فإنهم وجدوا أن القوانين الطبيعية هي من فعل الله وإن الله قادر على تجاوزها ان شاء،
E=MC²
الطاقة تساوي الكتلة بمربع سرعة الضوء لألبير أينشتاين أي أن الكتلة والطاقة وجهان لعملة واحدة أي أن الكون يحتوي على طاقة وفضاء ومنها وجد العلماء بعد عقود من الدراسات والأبحاث أن الكون جاء من الانفجار العظيم وهذا الأخير بالنسبة للبعض جاء من عند الله أي كان بداية الخلق من لا شيء.
أما بالنسبة للعلم فقد أوضح هذه النقطة فالانفجار العظيم أطلق كميات هائلة من الطاقة وأطلق بالوقت نفسه الكمية ذاتها من الطاقة السالبة ومجموع الطاقتين تكون المحصلة تساوي الصفر، وهو قانون آخر من قوانين الطبيعة، اذ أن الطاقة السالبة تتمثل بفعل الجاذبية بين الكواكب والنجوم والمجرات.
السؤال الذي يطرح نفسه هو ما لذي يستطيع أن يسبب الظهور التلقائي لأحد الأكوان؟
إذا أردت الحصول على قطعة من الخبز فلا بد من الحصول على المواد الأساسية مثل القمح والماء والنار أي أننا لا نستطيع الحصول عليه مجانا, ولكن إذا سافرنا الى داخل قطعة الخبز, لداخل جزيئات الدقيق أو الماء نزولا الى المستوى الذري حتى نصل الى المستوى تحت الذري حينها تدخل عالما آخر يكون فيه استحضار شيء من لا شيء أمرا ممكنا, على الأقل لفترة صغيرة, ذلك لأنه في هذا المستوى تكون الجسيمات كالبروتونات تتصرف حسب قوانين الطبيعة التي نطلق عليها اسم الميكانيكا الكمية, وهي بالفعل تستطيع الظهور عشوائيا, ثم تبقى لوقت صغير ثم تختفي ثانية, لتظهر في مكان آخر لأننا نعلم أن الكون ذاته كان في وقت مضى صغيرا جدا أصغر من البروتون فهذا يعني شيئا مهما جدا يعني أن الكون بكل ضخامته وتعقيده المذهل للعقول يستطيع وببساطة أن يطهر فجأة للوجود دون أن يتجاوز قوانين الطبيعة المعروفة, ومن تلك اللحظة تم إطلاق كميات هائلة من الطاقة بينما كان الفضاء نفسه يتوسع, وهو المكان الذي تخزن فيه كل الطاقة السالبة التي نحتاجها لموازنة الحسابات, ولكن هل خلق الله قوانين الكم والتي سمحت لحدوث الانفجار العظيم؟ أو هل نحتاج إلها يرتب الأمور ليتمكن الانفجار الكبير من الحدوث؟
بسبب أمر غريب في مبدأ السببية تجعلنا مقتنعون بأن كل ما يحدث يجب أن يكون بسبب أمر قد حدث في وقت سابق، إذا فمن الطبيعي لنا أن نفترض أن شيئا –ربما الله-كان قد سبب أن يأتي الكون للوجود، ولكن عندما نتكلم عن الكون ككل فالأمر لا يحتاج ذلك بالضرورة، تخيل أن هنالك نهر يجري من أعالي الجبال، ما لذي سبب النهر؟ الأنهار، وما الذي سبب الأمطار؟ الشمس التي حولت الماء الى بخار لتصنع الغيوم، وما الذي سبب سطوع الشمس؟ اذا نظرنا الى داخل الشمس سنرى العملية المعروفة باسم الاندماج النووي والتي من خلالها تتحد ذرات الهيدروجين لإنتاج الهيليوم مطلقة كميات هائلة من الطاقة في العملية، ولكن من أين أتى الهيدروجين؟ من الانفجار الكبير، تخبرنا قوانين الطبيعة أن أكثر من إمكانية ظهور الكون فجأة مثل البروتون وأن الأمر لا يحتاج لأي طاقة، بل تضيف إمكانية حدوث الانفجار الكبير دون مسبب، الفضاء والزمن في الكون مرتبطان ارتباطا أساسيا، بدأ الزمن في لحظة الانفجار الكبير.
الثقب الأسود هو نجم فائق الكتلة مما سبب انهياره على نفسه وهو فائق الكتلة حتى الضوء لا يستطيع الهروب من جاذبيته ولهذا السبب هو أسود تماما تقريبا, مجال الجاذبية لديه فائق القوة فهو لا يسبب التواء وانحراف الضوء فحسب لكن الوقت أيضا, لنفرض أن ساعة سحبت اليه, كلما اقتربت الساعة أكثر فأكثر من الثقب الأسود فهي تبدأ بالتباطؤ أكثر فأكثر, الزمن نفسه يبدأ بالتباطؤ حتى يقف تماما لعدم وجود الزمن داخل الثقب الأسود وهذا بالضبط ما حدث في بداية الكون, وهو المفتاح الأخير لإزالة الحاجة الى مصمم جليل وإظهار كيف كان للكون أن يخلق تقسه, وإذا رجعنا الى الوراء حتى يصل الكون للنقطة التي يكون فيها أصغر ما يمكن يكون فيها فعليا واحدا لا متناهي الصغر ولا متناهي الكثافة من الثقوب السوداء, ويتوجب على الزمن ذاته أن يتوقف, ولا نستطيع أن نصل الى ما قبل الانفجار الكبير وذلك لعدم وجود –قبل- الانفجار الكبير, لذلك هنالك شيئا ليس له من مسبب, وذلك لعدم وجود زمن ليتواجد به السبب, ومن وجود زمن ليتواجد به الخالق.