الإنسانية



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الإنسانية

الإنسانية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الإنسانية

الارتقاء الى المستوى الإنساني


  • إرسال موضوع جديد
  • إرسال مساهمة في موضوع

تطور منظومة الآلهة في الأديان

أبو عماد
أبو عماد
Admin


عدد المساهمات : 795
تاريخ التسجيل : 20/11/2012
العمر : 68
الموقع : damas

تطور منظومة الآلهة في الأديان Empty تطور منظومة الآلهة في الأديان

مُساهمة  أبو عماد السبت 12 ديسمبر 2020 - 8:35

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
بدايةً و قبل كل شيء دعونا نوضّح لكم بأننا ربوبيون لا دينيين، لا ندعو إلى الإلحاد و لا إلى التشيُّع و لا لاتباع أي دين أو مذهب معين و لكن تعصّب البعض الجهلاء لدينهم أو مذهبهم أو قوميتهم العمياء تجعلهم ﻻ يدركون معاني ما يقرأون! عودوا فاقرأوا ما نشرناه في الأبحاث السابقة و تابعوا ما سننشره في الأبحاث القادمة تجدون أننا ندعو للخلاص من اﻹسلام الوهابي الهمجي أوﻻً ثم التخلص من اﻷديان البراهمية الإبراهيمية كلها دون أي استثناءات. نحن نعرف عن اللطم و التباكي و جرح و تأليم النفس عند بعض طوائف المسيحيين الكاثوليك و عند المُسلمين الشيعة و هي عادات دينية غالباً مأخوذة من أسطورة مقتل الإله دو مو سين / دوموزي / تمّوز السومرية-البابلية و ربما من أديان في الهند و نحن ﻻ نتفق معها جميعها رغم أنه قد يكون لها معنى ديني لتهذيب النفس عبر اﻹحساس العميق بالذنب و إحداث اﻷلم الجسدي الذاتي، لكن هذا مُختلف تماماً عن مُتشددي المذهب اﻹسلامي الوهابي السَّلَفي الذي يدعو لتعذيب و قتل و ذبح الآخر المُختلف و إلى اغتصاب و سبي و قتل و تفجير الغير أو تفجير النفس اﻹنتحاري بقصد قتل و إيذاء و إيلام غير المُنتمين إلى نفس المذهب لإحداث اﻷذى و اﻷلم و الموت للغير في سبيل نشر و سطوة هذا المذهب أو هذا اﻹتجاه الدّيني على غيره من المذاهب أو اﻹتجاهات الدّينيّة التي يبلغ عددها فوق المئة 100 في دين اﻹسلام وحده!! باختصار، نحن ندعو إلى نبذ كل هذا و ذاك و التّحرر من جميع اﻷديان و الخُرافات التي ولدنا فيها و نشأنا عليها، و أولها و أكبرها هذه الخرافة التي لا زال الكثيرون يؤمنون بها ألا و هي أنّ (لله إبن) و أنه قد خطّط للخطيئة قبل بدء الخليقة، ثم جَبَل اﻹنسان من طين و خلق آدم ثم "نتش" ضلع من أضلاعه فخلق امرأته منه، ثم قام بطردهما من الجنة لأكلهما من الشجرة المحرمة و معرفة نور الحقيقة بغواية من الثعبان (إستعارة أو ترميز مُمارستهما فعل الجنس) عندما رآهما بينما كان يتمشى في الجنة، ثم ملأ نسلهما اﻷرض شروراً و فساداً، فاضّطر أن يُرسِلَ نفسه أو روحه فيحبل امرأة عذراء في منطقة واحدة من العالم كله (مليئة بالأنبياء و الرُسُل) فيلد نفسه أو إبنه فيقوم بشفاء عدة مرضى من المُصابين بأمراض كانت شائعة و مكروهة عند شعوب الحضارات القديمة كالجُّذام و البَرَص و العمى من بين آلاف اﻷمراض التي بقيت موجودة بين البشر آنذاك و حتى اليوم دون شفاء، و يُحيي ميتين أو ثلاثة و يرجعهم من الموت دوناً عن مئات الملايين أو عدة مليارات من البشر الذين ماتوا و ﻻ سبيل ﻹرجاعهم من الموت، ثم يقوم بالتّضحية بنفسه و تقديمها فداءً بالتعرُّض للتّعذيب الوحشي و اﻹذلال المُهين ثم السماح لثلّة من البشر الذي قام هو بخلقهم من قبل بقتله و صلبه و الموت بأبشع طريقة معروفة آنذاك بدق المسامير في يديه و رجليه و التعليق على عمود أو خشبة مُصلَّبة الشكل و ذلك من (كثرة محبته للبشر) و موته عنهم من أجل فداءهم و خلاصهم من خطيئتهم اﻷولى و التي كان هو من اخترعها و صمّمها في البدء لكن فقط عبر هذا الفداء المقدس العظيم يمكنه بعد ذلك قبولهم للرجوع إليه و دخولهم في ملكوت سمائه و العودة إلى أكل تفاح الجنة حيث سينعمون بالنّعيم و الملذّات الأبدية أمام عينيه ما يشاؤون إلى أبد اﻵبدين، فهذه المرّة لن يحزن أو يغضب عليهم فقد عفى عنهم و منحهم الحياة اﻷبدية و ذلك ﻹيمانهم به كإله فادي و مُخلّص! سخافة ما بعدها سخافة و تُرّهات ما بعدها تُرّهات!!!
كنت في طفولتي كلما أذهب إلى الكنيسة و أستمع إلى الخوارنة و القساوسة يتفوهون بهذه الأمور و السفاسف المخجلة و المخزية أهز رأسي مُستنكراً كيف كان - و ما يزال - يتم الضحك على عقول البشر بهذه القصص و الخُرافات السهلة الضّحد و التّفنيد؟! لكن كنت أُدرِك للأسف أنّ أغلب الناس لديها عقول للأكل و الشرب و مُمارسة الجنس و التّبول و التّغوط و النوم و رؤية اﻷحلام، أي تلبية غرائز البقاء الأساسية و القيام باﻷعمال الحياتية اليومية الروتينية، و لكن ليس لديها العقول للتفكير و المُحاكمة و الفلسفة و المنطق و خلق اﻷفكار و اﻹبداع و مساءلة الأمور الغير منطقية و مُحاولة إيجاد العلوم و الإبتكارات و القيام بالتّحرّي عن الحقائق و قراءة التّاريخ و أحداثه بشكل موضوعي مُجرّد، فهم يُسلِّمون بما "أنزل الله" عليهم من قِصص و حكايا تحتاج لصبر و أناة من شدة سذاجتها و سخافتها!! .. أذكر أنني عندما كنت بعمر 5 سنوات و كانت أختي بعمر 4 سنوات ذهبنا إلى الكنيسة بمناسبة أعياد الميلاد و كانت هناك مُجسّمات لطفل في مغارة و هو مُحاط ببعض الرُّعاة و عدة حملان / غنمات. فقالت لي أختي: هلأ هدا هو (إبنو ل الله) ؟! فمددنا أيدينا و أمسكنا به و قلّبنا سريره الخشبي الصّغير و قلت لها: إي نعم يبدو أنه هذا هو! فقالت: ياي شو ظريف هال(إبن ألله)! و انفجرنا ضاحكين!! أرجعنا المُجَسَّم إلى مكانه و انطلقنا نعدو في باحة الكنيسة و نحن نضحك بينما راحت جموع المُصلّين في الدّاخل يرفعون الصلوات و القداس على شموع و تراتيل طلباً للإيمان و الغُفران!! .. العقل البشري لأطفال بأعمار خمس 5 و أربع 4 سنوات لم يقبل أو يتقبّل هذه السذاجة و السخافة الغير عقلانية و الغير المنطقية و لكن أغلب الناس لا يشغّلون عقولهم أو بالأحرى لا يمتلكونها أساساً للاسف الشديد!!!
من هو الإله إيل و ابنه الإله بعل أصل شخصيّة يسوع المسيح في المُعتقدات الكنعانية؟
أولاً، لا يمكننا فصل الميثولوجيا / الأساطير الرافدينية عن باقي ميثولوجيا الهلال الخصيب فالمنطقة كانت مُتّصلة جغرافياً و حضارياً و نفس الآلهة التي عبدت في بابل عبدت في نفس الوقت في ممالك إيبلا و ماري و أوغاريت و جبيل (بيبلوس) و أهمها ئل / إل/ إيل إله القمر (الله الحالي) كبير آلهة بابل و كبير الآلهة و رب الأرباب في بنثيون كنعان و وجهه أو تجلّيه الآخر أو إبنه ئل / عل / بعل / أدد أو حدد / هدد أو أدون إله الشمس و الخير و الخصب (المسيح / المسايا المخلص الحالي)، عدا عن أن مدن حلب و دمشق و جبيل في لبنان و أريحا (جريكو) في فلسطين أقدم بعدة آلاف من السنين من سومر و بابل نفسها، و نسوق لكم مثال آخر و هو الملك الأموري أو العموري (بلاد الشام و العراق / سوراقيا) الذي أسّس المملكة البابلية الأولى في مُنتصف الألفية الثانية قبل الميلاد الملك حمورابي الشهير فهو لم يكن "عراقي" أو "رافديني" هذه المنطقة تاريخياً إسمها "سوراقيا" و أيضاً يسميها الكثير من الباحثين الغربيين و الشرقيين "سوريا الكبرى" فلا وجود لشخص "عراقي" و ثاني "كويتي" و ثالث "سوري" و رابع "أردني" و "كيليكي" و "أنطاكي" و "جولاني" و آخر "لبناني" و "فلسطيني" أو "سينائي" إلا في المئة 100 سنة الأخيرة بعد إتفاقية مُحاصصة سايكس-بيكو و تفتيت المنطقة إلى دويلات صغيرة يسهل طمس و نسف حضارتها و ذلك عن طريق دحرها و هزيمتها عسكرياً و ثقافياً و تطويعها لاستغلالها إقتصادياً كعمالة مأجورة رخيصة و سوق إستهلاكية مفتوحة لتصريف البضائع و المنتجات فهذا هو دور شعوب المنطقة المرسوم و المحدد لنا في هذه المئة سنة الأخيرة و خاصةً بعد الحرب العالمية الثانية لذلك نرجوا من الجميع تبنّي هذا المُصطلح "سوراقيا" أو "سوريا الكبرى" لأنه هو المُصطلح الأشمل و الأصح تاريخياً و ثقافياً و حضارياً!
ثانياً، نحن لا ننتفع من كذب الإسرائيليين، على العكس كنا نحن أوّل من كشف زور ادّعاءاتهم و أثبتنا أصولهم من تُرك الخَزَر و منطقة بحر قزوين. إنّ تسمية ساحل سوريا الغربي / فلسطين ب"كنعان" و تسمية سكانها ب"الكنعانيين" هي تسمية توراتية أما تسمية ساحل سوريا الغربي / سلسلة جبال حَرَمون و لبنان ب"فينيقيا" و تسمية سكانها ب"الفينيقيين" فهي تسمية يونانية، فسكان الساحل السوري و لبنان و فلسطين بالأساس لا هم كنعانيين و لا هم حتى فينيقيين بل التسمية الصحيحة لهم هي "سكان الساحل السوري اللبناني الفلسطيني" أو "الساحل السوري الغربي" بشكل عام أو "سكان الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط"، لكن التسمية الدارجة و المعروفة لدى الجميع هي الكنعانيين أو الفينيقيين لذلك لا نزال نستخدمها للتبسيط و السهولة إذ من غير المعقول أو العملي أن نقول في كل مرة نود الإشارة إليهم ب"سكان الساحل السوري اللبناني الفلسطيني" أو ب"سكان الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط" إلى أن نقوم بإيجاد تسمية أُخرى مناسبة بديلة لها!!
على ضوء ما تقدّم، فقد أسفرت الإكتشافات الأثرية في مملكة (إيبلا) السورية عن مُكتشفات يعود عمرها إلى حوالي 2,300 قبل الميلاد تقريباً في موقع "تل مرديخ" في سوريا أماطت اللثام عن رب الأرباب أو أكبر الآلهة في بنثيون (مجمع) الآلهة السوراقية؛ إله القمر و كان يدعى (ئل / إل) أو (إيل) و هو يكتب في اللغة العِبرية بشكل (אל). و قد وجدت في مملكة (إيبلا) - التي تقع في سوريا اليوم - كلمة (إل) في أعلى قائمة الآلهة كإشارة لأكبر الآلهة أو أبو الآلهة في بقايا المكتبة الملكية لحضارة (إيبلا) في موقع (تل مرديخ) المذكور أعلاه، كما أنّ إسم إيل ارتبط بأسماء الملوك في بلاد الشام حيث نجد الملك حزائيل (حزا - إيل) و هو مأخوذ من إسم الإله إيل و يظن أنه كان إله الصحراء في وقت ما لأن الأساطير تذكر أنه "كانت له زوجتين بنى معهما و مع أولاده الجدد حرماً في الصحراء"، و قد ولد للإله إل عدة آلهة كان أهمها: الإله هدد (حدد أو أدد و هو نفسه البعل) و الإله يَم (بحر) و الإله (مُت) أو (موت) إله العالم السفلي، و كانت لتلك الآلهة صفات مُشابهة لنسختها في بنثيون الآلهة الإغريقية؛ (زوس أو زيوس) و (بوسيدون أو أوفيون) و (هادِس أو ثنتوس) على الترتيب، و بحسب الأساطير اليونانية فإنّ أن أو آن السومري / آنو البابلي إله الهواء و العواصف المنتقم الجبار والد الإله ئل / إل / إيل (الله الحالي) هو الإله (كرونوس) إله الزمن و الحصاد الذي هو نفسه الإله (ساتورن) إله كوكب زحل عند الرومان كما مر معنا بالتفصيل في أبحاث سابقة!
الإله الرافديني الأموري أو العموري الآرامي الفينيقي الكنعاني العبري (ئل / إل / إيل) هو الله معبودنا الحالي في الديانات الإبراهيمية "السماوية" الثلاثة لكنه ليس كما ادعى و يدعي اليهو-مسيحيون النصرانيون الموحدون (الذي صار إسمهم المُسلمون لاحقاً) بأنه "لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفواً أحد" بل لقد كشف حديثاً على كونه سليل عائلة عريقة من الآلهة! فهو مُتَحَدِّر من أببه إله الهواء و العواصف السومري (أن / آن) و البابلي (آنو) و صفته هي "المنتقم الجبار" و هو رب ملكوت السماء، إله الشر و الإنتقام الذي أرسل الطوفان لإبادة البشر، إله الزمن و الأمد و الأزل و من صفاته "الباقي و الدائم" و "أبو السنين أو أبو السنوات"، و هو إله الحصاد، حصاد السنين / سني العمر و الشيخوخة و قابض الأرواح / إله الموت!
الإله (ئل / إل / إيل / الله أكبر) هذا كان أكبر و أهم الآلهة من سومر و بابل و آشور شرقاً و صحراء شبه الجزيرة العربية و اليمن جنوباً و كنعان فينيقيا إلى ليبيا و شمال أفريقيا غرباً (تمّ العثور على معبد للإله إل-مقّة في ليبيا مؤخراً)، بحسب الأسطورة أو الميثولوجيا السومرية البابلية الأمورية أو العمورية الفينيقية الكنعانية القديمة، و كان يعتبر رب الأرباب و الإله الأعلى و خالق الكون و البشر و جميع المخلوقات كما تظهر في ألواح مملكة (أوغاريت / رأس شمرا) و مُكتشفات المكتبة الملكية في القصر الملكي في مملكة (إيبلا). كان القدماء يعتقدون أنّ (ئل / إل / إيل) هذا هو خالق الكون و البشر و المتحكم الكلي فى كل شيء، إذ كانوا يخافونه كثيراً بل و كانوا يخشون حتى عبادته من كثرة الخوف منه و من بطشه (المنتقم الجبار / خير الماكرين في الإسلام) و كانوا يعبدون الآلهة الأخرى مثل وجهه / تجلّيه الآخر أو إبنه الإله (بعل) إله الشمس و الخصب و الرّعد و البرق و المطر، و إله الموت (موت) و إله البحر (يم) إلخ .. لكي تشفع لهم عند الإله الأكبر رب الأرباب رئيس المجمع (ئل / إل / إيل)، و قد ظلّوا لفترة طويلة يعبدون هذه الآلهة لكي تقربهم من هذا الإله الأكبر / الله أكبر. و مع مرور الوقت تطور الأمر، فتم تنزيل مرتبة الآلهة الأخرى إلى ما سُمِّيَ (ملائكة) الذين بقوا يعملون كمُساعدين للإله ئل / إل / إيل و تحولت العبادة إلى الإله إيل وحده لا شريك له، لا إله إلا هو الواحد الأحد، لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفواً أحد!، فيما يلي نرى أنّ أسماء كل الملائكة التوراتية قد اشتقت من جذر الإسم (ئل / إل / إيل) أي أنها كانت آلهة من قبل و كانت تحمل شيء من صفاته و قدراته!
أسماء الملائكة باللغة الآرامية / السريانية جبريل، ميكائيل، إسرافيل، عزرائيل إلخ ... هي أسماء الملائكة المعروفة في الديانات الإبراهيمية الثلاثة، و المرتبطة بالإله السومري البابلي الأموري العموري الكنعاني الفينيقي العبراني "عل / ئل / إل / إيل". كيف نشأت تسميات هذه الكائنات النورانية، و ما هي المحطات التي عبرتها لتصل إلى حياتنا و تتأصّل فينا كأسمائنا، و ما هي معانيها؟
بدايةً دعونا نتتبّع مسار الإله "إيل" و مكانته، و مراحل تطوّره في الديانات الوثنية عبر العصور، و كيف تمّ خلق و إستنباط أسماء الملائكة من إسمه، و ما هي معاني اسماء الملائكة باللغة الأكدية - الآرامية التي سادت (الأكدية / العقدية / العربية القديمة) في الألفية الثانية و الأولى قبل الميلاد و بقيت حتى القرون الميلادية الأولى (الآرامية / السريانية / العربية الوسطى)، كلغة عالمية أولى Lingua Franca في العالم القديم؟!
{* وَسَعَ كرسيّه السّماوات و الأرض *}:
تدلّ اكتشافات ممالك رأس شمرا (أوغاريت) و (إيبلا) و (ماري) على الأراضي السورية أنّ الكنعانيين عبدوا آلهة مُتعددة، لكنهم و منذ بداية الألفية الثالثة 3 قبل الميلاد، رفعوا المعبود "إيل" فوق جميع الآلهة. فكما كان (إبسو) ثم (أن أو آن) كبير الآلهة عند السومريين، و (آنو) ثم (عل / ئل / إل / إيل / علي العالي) رئيساً للمجمع السماوي عند البابليين و اليمنيين، و "رَع" ربّ الأرباب لدى المصريين القدماء، كان "عل / ئل / إل / إيل" هو الإله الأعظم بالنسبة للكنعانيين. في كتابه "مغامرة العقل الأولى" يذكر الباحث السوري المرموق فراس السوّاح أنّ: "إيل هو كبير الآلهة الكنعانية، إله السماء و رئيس مجمع الآلهة. هو ألوهة خالقة و حافظة لخلقها، مُهيبة و جليلة، مُفارقة للعالم، و لكنها في الوقت نفسه رحيمة و حنونة على مخلوقاتها" [1]. و يرى الدكتور إياد يونس أنه، "على الرغم من أن الكنعانيين الفينيقيين عبدوا آلهة مُختلفة، إلّا أنّ الإله "إيل" كان أكثر آلهتهم تقديساً، و هو أيضاً كما تصفه النقوش الكنعانية: "المُتعالي، الذي يحتجب فوق كرسيّه في السماء السابعة" (الرقم سبعة 7 الرقم الديني المقدس عند البابليين)! بالإستناد إلى المُكتشفات الأركيولوجية من المواقع التي سكنها الكنعانيون في سوريا يذكر الباحثون في التاريخ القديم أسماء مُساعدين للإله الأكبر "ئل / إل / إيل"، كانت منهم "أشيرة أو عشيرة" (زوجته)، و هي إلهة الخصب و العطاء، و "عنات أو أناة" (إبنته) التي كانت تلقّب ب "العذراء" (ستصبح فاطمة الزّهراء إبنة النبي محمد في الإسلام)، و هي إلهة الحبّ (إلهة كوكب الزهرة، إنانا / عشتار / عشتروت / أفروديت / فينوس) التي كانت تعتني بالحفاظ على الأسرة الكنعانية، و تصون أخلاق الشعب. بالإضافة إلى الإله "بعل"، الذي كان رب الشمس و المطر و السّحاب أو الغيوم و الرعود و البروق أو الصواعق، و هو سيّد الزراعة الذي ما زال إسمه شائعاً في بلاد الشام حتى اليوم عبر مُصطلح "المزروعات البعلية" أي المزروعات المُعتمدة في سقايتها على الأمطار و ليس على مياه الرّي
بعد الكنعانيين ظهر الأموريون أو العموريون في نهاية الألفية الثانية قبل الميلاد، على مسرح العالم القديم في بلاد الشام و ما بين النهرين عبر مدن / ممالك مُستقرة و قد امتد نفوذُهم من منابع نهري دجلة و الفرات شمالاً، وصولاً إلى تيماء في شمالي الحجاز جنوباً، و من الشاطئ السوري اللبناني الفلسطيني غرباً إلى بادية سوراقيا و شواطئ دجلة شرقاً. إلى جانب إلههم الخاص "هدد" أو "حدد" أو "أدد" الذي يرد في العديد من أسماء ملوك بابل و آشور مثل (شمسي أدد الخامس و أدد نيراري الثالث)، و بسبب إنتشار الممالك الأمورية أو العمورية على نطاق واسع، ضمّ مجمع الأرباب الأموري / العموري عدداً من آلهة جيرانهم السومريين الأكديين و الآشوريين و الحثيين، مثل إله القمر "سِن أو سين" و إله الحِكمة و رسول الآلهة "نابو" (من إسمه أتى إسم "نبي") و إله الشمس "شمش" و الإله "تيشوب"، لكن إله أسلافهم الأكديين و الكنعانيين "ئل / إل / إيل" كانت له مكانة خاصة عند الأموريين / العموريين، إذ أنهم هم أيضاً رفعوه إلى مرتبة "ربّ الأرباب" أي رئيس مجمع هذه الآلهة كلها (كما كانت عند الأكديين البابليين و الكنعانيين الفينيقيين)، و قد عبدوه بوجهه الآخر أو تجلّيه الإله "بعل" و الذي يعني إسمه (أدون / أدوناي / أدونيس): "السيّد / الّرّب"، و اعتمدوه كإله رئيسي لهم و أطلقوا إسمه في تسمية آلهتهم من أمثال "بعل شمين": (رب السماء) أو بعل شمايين": (رب السماوات) و "بعل بك / بعلبك" (رب البقاع) و "بعل صافون" في أوغاريت و "بعل زبون أو بعل زيون" في جبيل و "بعل زيون أو صهيون" في جبل الكرمل (حيفا) و أريحا (جيريكو) و "بعل حمون" (الذي عُبد في شمال أفريقيا؛ مصر - ليبيا - قرطاج) و "بعل هدد أو حدد أو أدد" الذي يوازي الإله "زفس / زوس / زيوس" الإغريقي و الإله "جوبيتر" الروماني (أول معبد له كان في تلة قلعة حلب، و معبده الرئيسي الآخر في دمشق تحول إلى معبد جوبيتر في العهد الروماني الوثني و الذي بنيت عليه كنيسة يوحنا المعمدان في العهد الروماني البيزنطي قبل أن يبني عليها الوليد بن عبد الملك (خسرو الرابع / المُعتصم بالله) مئذنة عودة المسيح و يحولها إلى المسجد الأموي الحالي)، و "بعل عنت محرثت" (ربّ الأرض المحروثة) إلخ ... لكن المأثرة التي تسجل للأموريين أو العموريين تتمثل في تحويل الآلهة الصغرى المُساعدة للإله الأكبر في المجمّعات السماوية التي عرفتها حضارات العالم القديم (السومرية و البابلية و الكنعانية و المصرية و الإغريقية اليونانية) إلى كائنات نورانية مُساعدة للإله الواحد الكبير العالي المتعالي "إيل" تحت مسمى "ملائكة". و أسبغوها أسماء و صفات من لغتهم الأكدية - الآرامية التي كانت، لكمالها و رقيّها، سيدة لغات العالم لأكثر من ألفي عام! و أسماء هذه الملائكة ما زالت قيد الإستخدام في كل لغات الأرض حتى اليوم نذكر منها؛
* جبريل (جبرائيل، ناقل الوحيّ): الإسم هو إتحاد بين كلمة "ܓܰܒܪܐ": (جَبْرا) و تعني "رجل"، و كلمة"ܝܶܠ" (إيل) فمعناه: "رجل إيل أو رجل الله / رسول الله / ناقل الوحي الإلهي إلى البشر"
* ميكائيل (ميخائيل، و هو كبير الملائكة و الملاك الموكّل بالمطر): إسمه هو إتحاد بين كلمة "ܡܝܚܐ"(ميخا) و تعني "إشراقة"، و كلمة"ܝܶܠ" (إيل)، فمعنى إسمه يكون: "إشراقة إيل أو نور الله"
* عزرائيل (عزرايّين في اللهجة الشامية، هو ملك الموت): إسمه هو إتحاد بين كلمة "ܥܰܙܪܐ": (عَزْرا) و تعني "مُساعد"، و كلمة"ܝܶܠ" (إيل)، فيعني إسمه: "مُساعد إيل / مُساعد الله" (في قبض الأرواح)
* إسرافيل (الذي ينفخ في الصور إيذاناً بيوم القيامة): إسمه هو إتحاد بين كلمة "ܝܨܪܦ"(إيسراف) و تعني "إرادة"، و كلمة "ܝܶܠ" (إيل)، فيعني إسمه: "إرادة إيل أو إرادة الله"
و هناك أسماء أخرى لملائكة و أنبياء و قدّيسين، مُرتبطة بالإله "ئل / إل / إيل" مذكورة في التوراة و الأناجيل، مثل:
* رفائيل (أو روفائيل): هذا الإسم هو إتحاد بين كلمة "ܪܦܐ": (رفا) و تعني "شفى، يشفي"، و كلمة "ܝܶܠ" (إيل)، فيعني إسمه: "شفى إيل أو يشفي إيل أو الله الشافي"
* سورائيل (سورييل): هذا الإسم عبارة عن إتحاد بين كلمة "ܣܳܣܘܪܐ": (سسورا) و تعني "وكيل"، و كلمة "ܝܶܠ" (إيل)، فيعني: "وكيل إيل أو وكيل الله"
* أنانيئيل (أو أنانييل): إسمه هو إتحاد بين كلمة "ܐܢܢܝ" (أنَني) و تعني "خادم"، و كلمة "ܝܶܠ" (إيل)، فيعني إسمه: "خادم إيل أو خادم الله"
* دانئيل (أو دانييل): إسمه هو إتحاد بين كلمة "ܕܳܢ" (دان) و تعني "حق أو دينونة"، و كلمة "ܝܶܠ" (إيل) فيعني إسمه: "حق إيل أو حق الله" (قاضي الدينونة) كما نقول بالعامية عندما نحلف: "و حق الله لأفعلن كذا"
* يعقوبيل (يعقوب - إيل) أي: "قوة الإله إيل أو قوة الله"
* إسرائيل (إسرا - إيل) نفس إسم يعقوب السابق لكن بعد تغلّبه على الإله إيل بعد أن سرق غنم خاله (لابان) في حرّان و هرب فأصبح إسمه (إسرا - إيل) أي "صارع الإله إيل أو صارع و صرع الله" و سطى على خِرافه!! (من هنا ترون كم هو خُرافي هذا الدين و كم هو ساذج من لا يزال يتبعه و يؤمن به)
* عمانوئيل (عمانو - إيل) و تعني: "ليُكن الله معنا" (و هو إسم المسيح المخلص أو المسايا العبراني)
* صموئيل (صامو - إيل) معناها: "سمو إيل أو علو (إرتفاع) إيل" أي "الله العلي أو العالي"
*إسماعيل / يسماع - إيل / سمع إيل إبن النبي إبراهيم من زوجته هاجر، و معنى إسمه: "إستجابة إيل" (سمع الله لمن حمده في الإسلام)
* نثانئيل (ناثان - إيل) بمعنى: "أعطى أو منح إيل"
* إليصابات (إيل - يصابات) أي: "المنذورة لعبادة إيل" أو "المُكَرَّسة لعبادة الله" (إليزابيث في اللاتينية) إلخ ... ثم تطور بعد ذلك إسم إله القمر الإله (إيل) فأصبح إسمه (إيلاه) ثم (إيلوهيم) ثم اللهم / الله العلي العالي و هو إسم معبودنا الحالي كما فصلنا لكم ذلك في أبحاث سابقة [2]
عند اكتشاف مملكة (أوغاريت) في منطقة رأس شمرا قرب مدينة اللاذقية السورية في الربع الأول من القرن الماضي تمّ العثور على عدة ألواح مدونة برموز أبجدية هي من أقدم النصوص المدونة بالمِسمارية في التاريخ. عندما قام عالم الآثار الفرنسي شارل ڤيرللو Charles Virolleaud بفك رموز هذه الأحرف و ترجمتها اكتشف عبارة زعزعت العلماء حول أولية كتاب التوراة لأنهم وجدوا نفس العبارة التوراتية ترد في قصيدة (عرس القمر) الأوغاريتية حيث تقول العبارة:
glmt-btl-bn-qdsh-shmmu-bn-il
غلمت-بتل-بن-قدش-شممو-بن-ئل (عل / ئل / إل / إيل)
و الترجمة الحرفية لهذه العبارة هي: "غلامة أو صبية بتول تحبل بالإبن المقدس و يكون إبن إيل / الله أو إبن العلي إيل"، و هي نفس العبارة التي ترد في التوراة بعد زمن مملكة أوغاريت الكنعانية الفينيقية بما لا يقل عن ألف سنة و بكلمات مُشابهة كما وردت في (سفر أصحاح أشعياء 7): "ها هي العذراء تحبل و تلد إبناً و تدعو إسمه عمانوئيل (و معنى إسمه كما ذكرنا تواً: "ليُكن الله معنا" و هو إسم المسيح أو المسايا العبراني). و المُلاحظ إستخدام المفردات نفسها تماماً في النّصين مثل: (بتل أو بتول) و هو لقب كان يُطلَق في اللغة الفينيقية الكنعانية على الرّبة (عنات أو أناة) شريكة أو زوجة الإله (ئل / إل / إيل) و يرد إسمها في نصوص أوغاريت مسبوقاً بلقب "البتول" أي (العذراء) و أيضاً نجد الربة عنات / أناة / عشتار تُقيم أول "عشاء سرّي" كما ورد في نصوص أوغاريت فهي: "تأكل جسد شريكها أو حبيبها بعل دون سكين و تشرب دمه دون كأس"!! هذه العبارة بكل وضوح تحمل نفس الدلالة لمفهوم (التناول) في العقيدة الهندية الميثرائية الفارسية / المهرانية الأرمينية و الديانة المسيحيّة: "هذا جسدي خبزاً فكلوه و هذا دمي خمراً فاشربوه"! يتّضح معنا إذاً أن جذور تعاليم الديانة المسيحية كانت موجودة في ديانات الخصب عند مُختلف حضارات العالم القديم بآلاف السنين قبل زمن مسيح الميلاد، و قد غيرت مُكتشفات مملكة أوغاريت الأثرية هذه و غيرها من المُكتشفات الأثرية الكثير في تعامُل الدارسين و الباحثين مع النصوص التوراتية و الإنجيلية و المصادر التي نقلت عنها! هذا ما يجب أن يُدرّس في المناهج التّعليميّة في مدارس سوريا و سائر البلدان العربيّة و الإسلاميّة لمُحاربة الجّهل و التّخلّف بالعلم و نشر حقائق التّاريخ!!
فكلمة (غلمت بتول) أي (صبية أو شابة عذراء) الواردة في النص الأوغاريتي القديم استنسخها العبرانيون من الكنعانيين إلى توراتهم حيث وردت في نبؤة على لسان "النبي" أشعياء كشابة عذراء تلد طفلاً ثم قام متى في إنجيله دوناً عن غيره بنقلها بشكل محرف مما وردت عليه في سفر أشعياء من العهد القديم و نحن نعتقد أن متى كان معذوراً بسبب الخطأ الذي وقع فيه عندما اقتبس هذه النبؤة من ترجمة قد تكون قد أوحت له بفكرة الميلاد العذراوي ليسوع المسيح، و عذره أنه قرأ (سفر أشعياء الإصحاح السابع 7) من ترجمة هي مُترجمة عن العبرية وجد فيها نبؤة أشعياء كانت تتحدث عن (عذراء) تلد طفلاً فاستنتج أنّ المسؤول عن ميلاد هذا الطفل المبشر به ليس بشراً و إنما هو الروح القدس! فعندما اقتبس متى (1: 18-25) نص سفر أشعياء لم يقتبسه من النص العبري الأصلي و إنما اقتبسه من الترجمة اليونانية للعهد القديم المعروفة بإسم (الترجمة السبعينية Septuagint LXX) التي يقال أنها كتبت في القرن الثالث 3 ق.م. بواسطة سبعين 70 من الأحبار اليهود الذين كانوا يجيدون كلاً من اللغتين العبرية و اليونانية، و بالفعل نجد الآية الواردة في هذه الترجمة تذكر أنّ (عذراء) تحبل و تلد إبناً إلخ ... و عنها اقتبس متى من سفر أشعياء، فهو غالباً لم يقتبس من النص الأصلي العبري و إنما اعتمد على ترجمة للنص باللغة اليونانية. لكن النص العبري الأصلي لم يكن يتحدث عن عذراء Virgin لم تعرف رجلاً و ما زالت تحتفظ بغشاء بكارتها و تحبل بدون مس رجل! فالكلمة التي ترجمتها النسخة السبعينية و نقل عنها متى كلمة "عذراء" ترد باليونانية بارثينوس Parthenos و تنطق بالعبرية (עלמה) و تنطق "علمه" أو (Almah) و هي تحمل معاني كثيرة و لا تقتصر على معنى محدد و من هذه المعاني: ١. إمرأة شابة و ٢. إمرأة حديثة الزواج و ٣. فتاة و ٤. خادمة و ٥. عذراء!! و من بين المعاني الكثيرة لهذه الكلمة اختار واضعوا الترجمة السبعينية كلمة "عذراء / بارثينوس / Parthenos كترجمة لهذه الكلمة و عنها نقل متّى!! و عند رجوعنا للنص العبري لنرى كيف ترجمه اليهود أنفسهم إلى اللغات الأخرى اكتشفنا أنهم لم يترجموا كلمة (علمه) بالكلمة (عذراء) و إنما ترجموها بكلمة (شابة) و التي تعني إمراة شابة سواءً أكانت متزوجة أو ما زالت عذراء لم تتزوج!! فيما يلي إليكم النص العبري و لننظر معاً كيف ترجم اليهود هذه الآية إلى اللغة الإنجليزية مصحوبة بالنص العبري في الكتاب المقدس باللغة العبرية و الإنجليزية بحسب النص المازوري، طبعة عام 1,917 م [3]
A Hebrew - English Bible According to the Masoretic Text and the JPS 1,917 Edition
و ذلك من موقع ميخون مامري اليهودي الذى يورد نصوص العهد القديم و التلمود البابلي [4]
mechon-mamre.org/p/pt/pt1007.htm
יד לכן יתן אדני הוא לכםאות הנההעלמה הרה וילדתבן וקראתשמ עמנואל
و قد ترجمه علماء اللغة اليهود إلى اللغة الإنجليزية على النحو التالي:
Therefore the Lord himself shall give you a sign: behold, the young woman shall conceive, and bear a son, and shall call his name Immanuel
كما هو واضح من الترجمة الإنجليزية فالآية تتكلم عن إمرأة شابة Young Woman و ليس عن عذراء Virgin Woman .. و قد وردت هذه الكلمة العبرية (علمه) سبع 7 مرات فى العهد القديم، فقد وردت في (سفر التكوين 24: 4): "بل إلى أرضي و إلى عشيرتي تذهب و تأخذ زوجة لإبني إسحق" و في (سفر الخروج 2: Cool: "فقالت لها إبنة فرعون إذهبي فذهبت الفتاة و دعت أم الولد" و في (سفر المزامير 68: 25): "من قدام المغنون من وراء ضاربوا الأوتار في الوسط فتيات ضاربات الدفوف" و في (سفر نشيد الإنشاد 1: 3): "لرائحة أدهانك الطيبة إسمك دهن مهراق لذلك أحبتك العذارى" و (سفر نشيد الإنشاد 6: Cool: "هن ستون ملكة و ثمانون سرية و عذارى بلا عدد" و في (سفر أشعياء 7: 14): "و لكن يعطيكم السيد نفسه آية ها العذراء تحبل و تلد إبناً و تدعو إسمه عمانوئيل" و في (سفر الأمثال 30: 18): "طريق نسر في السماوات و طريق حية على صخر و طريق سفينة في قلب البحر و طريق رجل بفتاة" (تذكرنا هذه العبارة بأساطير إنانا و النسر و الطوفان السومرية البابلية)!! حيث نلاحظ هنا أنّ الترجمة العربية ترجمت كلمة (علمه) بأكثر من معنى فترجموها بكلمات متعدد فتارةً ترد (زوجة) و تارةً ترد (فتاة) و تارةً ترد (عذراء)!! و إذا رجعنا للترجمات الإنجليزية فإننا نجد أن ترجمة الملك جيمس للكتاب المقدس King James Version التي كتبت منذ أكثر من أربعة قرون (منذ 400 سنة) و هي أكثر الترجمات إنتشاراً في العالم عدا عن كونها أكثرها دقةً فنرى أنها جاءت بكلمة (عذراء Virgin) في ترجمة هذه الآية موافقةً للترجمة السبعينية إلى اللغة اليونانية، أما في أدق النسخ الإنجليزية و بشهادة جميع علماء الكتاب المقدس من كافة الطوائف و المذاهب المسيحية و هي النّسخة الأساسية المُنَقَّحَة Revised Standard Version التي تعتبر تنقيحاً لطبعة الملك جيمس من الكتاب المقدس و تصحيحاً لكثير من الأخطاء الواردة فيها، و بالإستناد على مخطوطات اكتشفت حديثاً لم تكن معروفة في زمن تدوين طبعة الملك جيمس نجد أنّ كلمة (علمه) قد ترجمت بعبارة إمرأة شابة Young Woman:
Therefore the Lord himself will give you a sign. Behold, a young woman shall conceive and bear a son and shall call his name Immanuel
فكما هو واضح تماماً فسفر أشعياء كان يتكلم عن إمرأة شابة عذراء ستحبل و تلد إبنا، و ليس فى هذا أى شيء عن حمل إلهي أو إعجازي أو خارق لفيزيولوجية عملية الحمل و الولادة البشرية الطبيعية، لكن متّى في إنجيله اعتبر هذه المرأة الشابة هي مريم أم يسوع "العذراء" التي حملت به من الروح القدس!! [5]
توضيحات حول بنثيون أو مجمع الآلهة الكنعانية:
1- الإلهة الأم يم (أو الإله بحر):
هي الإلهة التي انتصر عليها الإله (بعل) في ملحمة "بعل و عناة" الأوغاريتية الكنعانية، و لو تمت مقاربتها مع أصلهم الأول لوجدنا أنّ (اليميّون) و هم "البحريون"، كانوا في الخليج العربي ثم انتقلوا غرباً ليسكنوا في شرق الأردن بين نهر الأردن غرباً و جبلي ( جرمود) و (جلعاد) شمالاً، و كان يسكن معهم (الجشوريون) و (المعكيون) و دولتهم كانت تسمى "باشان" (ذكرت التوراة أنّ موسى قد طردهم و احتل باشان)
2- إله السماء (شَم / شام أو شميم / شمين):
هو الإسم الذي كان يطلق على أجداد الكنعانيين الأوائل عندما كانوا في بلاد الرافدين، و لما انتقلوا إلى شرق البحر المتوسط حملوا إسم إلههم (شام) إلى البلاد التي أصبحت "بلاد الشام"، و غالباً اشتقت كلمة "شاميين" و "ساميين" من هذا المُعتقد الذي يقلب الإدعاءات الخاطئة بأن كلمة "الساميين" تطلق على جنس أو قومية معينة، بل كانت تعني هؤلاء الكنعانيين بالذات؛ فقد تم تزييف ذلك المُصطلح من قبل المُستشرقين ليظهروا أنّ الكنعانيين كانوا من أصل آخر
3- أديم آدم، أدمة:
هي إلهة الأرض التي يمكن أنها كانت في الأصل تسمية" للكنعانيين، لكنها أطلقت على القبائل الذين سكنوا جنوب الأردن (أدومويون) أو (الأديميون)
4- عل / ئل / إل / إيل:
كبير الآلهة، و هو الإله الرئيسي الذي كان يؤمن به الكنعانيون، فمدينة القدس القديمة كان إسمها (إيلياء القدس) و (إيلات) المقابلة لميناء العقبة إسمها مشتق منه، و أسماء معظم الملائكة كما رأينا تواً تنتهي بكلمة (إيل)، و حتى (مريم) إسم كنعاني قديم مكون من مقطعين: (مار) و هي كلمة كنعانية قديمة تعني "السيّد أو السيّدة" و (يم) هي "إلهة البحر"، فإسمها يعني إذاً: "سيّدة البحر"! و حتى أنّ بعض الباحثين ذكر أنّ (ماريام) كان إسم من أسماء فلسطين القديمة!!
إستمرارية الآلهة:
نلاحظ غالباً في دراسة الميثولوجيا و شخصيات الآلهة التكرار الذي لا مهرب منه في الآلهة و صفاتها و قدراتها و قصصها الأسطورية، و يعزى هذا التكرار دائماً إلى التداخل الثقافي و الحضاري الذي كان يؤثر على الشعوب القريبة من بعضها مكانياً أو زمنياً، و يحدث ذلك أيضاً بسبب نجاح هذه الأساطير في الإجابة عن أغلب تساؤلات الإنسان في تلك الثقافات القديمة، و ترتبط هذه الإجابات بأهمية هذه الأساطير في إشباع الحالة النفسية التي يمر بها شعب بعد أن يحاول رسم القصة التي تلخص وجوده و أسئلته الجوهرية!
أسس الميثولوجيا الكنعانية و المؤثرات الطبيعية:
لقد كان لاكتشافات عام 1,929 م على يد المنقبين الأركيولوجيين و الآثاريين، لألواح طينية من الكنوز الأوغاريتية في صور و قبرص و قرطاج الأثر الأكبر في تقليل ضبابية علاقة الآلهة عند الكنعانيين و أنسابها و موقعها في الميثولوجيا الكنعانية، و قد رأى البعض سلوك تتبع شجرة الآلهة عند الكنعانيين كطريق أولي، أما الطريق الثاني فاعتمد على الألواح الأوغاريتية و اعتبارها إحدى المراجع الأكثر عراقةً في منطقة شرق البحر المتوسط حيث يعود تاريخها إلى القرن الخامس عشر (1500 ل 1400) قبل الميلاد. و كما هي الحضارات و الشعوب القديمة، كان الكنعانيون يتشابهون مع الرافدينيين في تقسيم الآلهة بحسب أدوارها و آثارها، و كان الكنعانيون يخشون أكثر ما يخشونه هو إنحباس الأمطار (و هو أمر نجد آثاره إلى اليوم بصلاة الإستسقاء)، و ما يتعلق بها من قلة واردات الحبوب، فكان للمطر و للماء و النّدى دلالات كبيرة بالنسبة لهم، و اكتسبت تلك العلاقة أهمية كبيرة في إعتقاداتهم. كما كان للعناصر الأربعة المكونة للحياة في اعتقاداتهم (التي أخذها اليونانيون عن الكنعانيين الفينيقيين و عن الميثراويين و الفرس) دور في تصور أرباب و آلهة لتلك العناصر (النار و التراب و الهواء و الماء). و الدليل الذي يؤكد أخذ اليونان عن الكنعانيين إعتقاداتهم و آلهتهم، هو المقابلة في ذلك العدد الهائل من أسماء الآلهة في الحضارتين الكنعانية و اليونانية، و كون الحضارة الكنعانية قد سبقت الحضارة اليونانية بزمن طويل، فبات من المؤكد إستعارة و تبني تلك الإعتقادات الكنعانية من قبل اليونان، الذين تعرضت جزرهم لاجتياح فينيقي كنعاني حربي و تجاري كبير
آلهة العناصر الأربعة عند الكنعانيين / الفينيقيين:
أولاً: آلهة الهواء و النار:
هؤلاء الآلهة هم من نسل الإله (عوص) أو (أوسوس) و أصله (أش) أي النار باللغة الكنعانية، و هو أخ إله السماء (شميم) حيث ظهر من نسله الإله (دامور) و الدامور الآن هو إسم مدينة معروفة في لبنان و (تدمر أو تاد مُر / تض مرمر أي مدينة الرخام البارع) المدينة الأثرية الأشهر في سوريا، و (الدامور) هو إله الهواء عند (الأموريين أو العموريين)، أما الإله الآخر فهو (مِلقارت) و هو نظير الإله (هرقل) إله النار عند الرومان و إله مدينة صور و قرطاج
ثانياً: آلهة الماء و التراب، و ينقسمون إلى قسمين:
١. نسل الآلهة الذكور المولودين من تزاوج السماء و الأرض و كل هؤلاء يمثلون المياه بمختلف أشكالها؛ الإله (عل / ئل/ إل / إيل): إله المطر و الإله (بيتيل): إله منبع الأنهار و الإله (عتل) (يقابل أطلس عند الأمازيغ و اليونان): إله البحر و الملاحة البحرية و الإله (عاي) (يقابل إيا إله المياه البابلي) الذي تنسب إليه مدينة (عاي) الكنعانية و الإله (دغن / داغون / دجن / داجون): إله الحبوب و الحنطة و الخبز، و كان أحياناً يوصف كإله للطقس، و الإله (سيتون أو صيد): إله الصيد البحري صيدا، و منه أسماء المدن الفينيقية الكنعانية صيدون و صيدا و
٢. نسل الآلهة الإناث المولودات من تزاوج السماء و الأرض، و كلهن يعبرن عن الأرض (التراب) و هن أخوات الآلهة (عشيرة أو عشتارة أو عشتار) و (ريا) و (بعلتيس)
ثالثاً: أنصاف الآلهة:
و هم من الحُكماء أو العماليق الذين ظهروا بعد خلق السماء و الأرض مباشرةً، و هم من علم الإنسان نواميس الحضارة، و تختلف الروايات في عددهم فهم بين سبعة 7 و إثني عشر 12 (الأرقام الدينية المقدسة) و منهم عند الكنعانيين: (الإله فوس: إله الضوء) و (الإله فير: إله النار) و (الإله فلوكس: إله الشعلة) و (الإله هيفسورانيوس: إله ألواح القصب) و (الإله خوسور: إله الصناعة) و (الإله تؤوتوتس: إله الكتابة)
رابعاً: التنين (تيفون):
و منه إسم أعاصير البحار و المحيطات في الإنجليزية تايفون Typhoon، و يطلق عليه أيضاً (يطفن) في الأساطير الكنعانية، و يكون على شكل ثعبان كبير يُصارع الآلهة (مِلقارت) و (هرقل)
خامساً: الإنسان:
الكائن الذي ظهر بعد خلق السماء و الأرض مُطابقاً لهما في صورة ذكر و أنثى هما (شمم و أدمة) (آدم و أدمة) أي (آدم و حواء التوراتيين) و اكتمل نسلهما بسلالات بشرية مُتتابعة
أجيال إيل:
إله القمر و كبير الآلهة. من خلال تزاوج الإلهين (إيل و عشيرة) ـ بإعتقاد الكنعانيين ـ فقد استوليا على كل شيء حتى الماضي، لكن حذف كهنة معابد (إيل و عشيرة) كل ما كان يتعلق بماضي أجدادهما، و "عشيرة" بعد زواجها من الإله إيل أصبح إسمها "إيلات" (إسم المدينة العبرية المُقابلة لمدينة العقبة الأردنية)
أجيال بعل:
إله الشمس و المطر و الخير و الخصوبة و الرعد و البرق، و هو إبن الإله إيل كبير أو ملك الآلهة عند الكنعانيين الذي ينتصر على منافسيه الإله / القاضي يم (نهر أو بحر) و الإله / القاضي (مُت أو موت)، فيعتلي موقعه المُتميّز في بنثيون / مجلس الآلهة و يجلس إلى يمين الإله إيل و يصبح الإله / الإبن المفضل لدى الإله الأكبر إيل صاحب كرسي العرش، و له من الأبناء الذكور و البنات من الآلهة التي تدخل في قوى غيبية لا زال الكثير من سكان الأرض يعتمدونها في مخاولة تسيير شؤونهم و مشاكلهم اليومية
آلهة الكواكب:
و هم آلهة الشمس و القمر و الزهرة و يمثل القمر الإله (يرح) و هو إله (أريحا) و الإله (شغش) و قد تزوج الإله (إيل) من الإلهة (عشيرة أو عشتاروت) عن طريق التقبيل فقط، و هي (شاليم) نجمة المساء (يرد إسمها في إسم مدينة أور - شاليم) و (شهار) نجمة النهار أو الصباح و الإسمين هما لإلهة كوكب الزهرة
آلهة الحرب و النار و الشفاء:
و هما الآلهة (حرون) إله الحرارة، و (أشمون) إله الطب في صيدا و الإله (شررافا) إله الشفاء
آلهة الخصب:
و هما الإله (أدون) إله مدينة جبيل و الإله (شان) إله مدينة (بيسان / بي - سان أو بيت شان) الكنعانية في فلسطين
آلهة الحب و الولادة و الجبال:
منها (عجالين) إلهة مدينة (عجلون) في الأردن و الإلهة (بارات أو بيروت) إلهة مدينة (بيروت) العاصمة اللبنانية و غيرها ...
بعد سيطرة الإله بعل على مقدرات الحياة و هزيمته لمنافسيه (يم و موت) من الآلهة في مجلس أو بنثيون الآلهة الكنعانية أصبحت كل مظاهر الحياة في بلاد الكنعانيين بعلية، حتى لا يزال المزارعون في بلاد الشام اليوم الذين يعتمدون في زراعتهم على الأمطار يطلقون عليها (أراضي بعلية)، في حين يطلق عليها المزارعون في بلاد الرافدين (أراضي ديمية) فالشاميون يربطونها بالإله (بعل) و الرافدينيون يربطونها بالإلهة (أديم)، و هكذا تكونت في بلاد سوراقيا / سوريا الكبرى حضارة بعلية بنيت حولها العديد من الأساطير و المُعتقدات الموروثة لا نزال نلمس آثارها في حياتنا اليومية إلى اليوم
بعول المدن و الأماكن:
و منها بعل البقاع (بعلبك / بعل بك أي معبد بعل) و بعل كرم اللوز (كرم عل / كرم ئل / كرم ل / الكرمل) و غيرهم الكثير مثل بعل صافون و بعل زيون إلخ ...
بعول الصفات:
بعل (أدير) أو (قدير) حيث كانت تقلب القاف إلى ألف عند الكنعانيين و لا يزال سكان بعض مدن بلاد الشام يلتزمون بذلك حتى اليوم فيقولون مثلاً: "ألتلي" بدلاً من "قلتلي" و "عبد الآدر" بدلاً من "عبد القادر" إلخ ...، و بعل مرقد (الرقص) و بعل بور (فاغر الفم) المؤابي
بعول الحضارة (الصناعة و الحرف):
مثل الإلهين (كوثر أو كوثار) و (حاسيس أو خسيس) إلهي الفنون و الحرف و المهن اليدوية و هما من صنعا للبعل أسلحته ليقضي على غريميه الإلهين (القاضي يم / نهر / بحر) و (القاضي موت) و قاما ببناء قصره بطلب من الإله الأكبر إيل، و الإله (أوغار) إله الأرض و الزراعة؛ إله أوغاريت
بعول النار:
منهم الإله (حموت) إله المباخر و إله مدينة (حماة) الذي كان يقدس في شمال إفريقيا و أطلقوا عليه هناك إسم (بعل حمون)، لكن يعتقد البعض أيضاً أنّ الإله بعل حمون هو مزاوجة للإله بعل الكنعاني الفينيقي مع الإله المصري أمِن / أمون!! [6 - 10]
* صور البحث على الروابط التالية:
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
  • إرسال موضوع جديد
  • إرسال مساهمة في موضوع

الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 19 أبريل 2024 - 11:11