العنوان طبعاً غير صحيح وخادع ، وهو لمجرد لفت الإنتباه، ونحن لسنا ضد الشريعة الإسلامية ، ووضعها في الدستور، ولكن لأفصل لكم وجهة نظري ..
يعتقد الإسلاميين أن الطرف الآخر لا يريد مكابح في المجتمع، بل يريده مجتمع منفلت لا يملك أي ثوابت وقوانين، بل هذا ما يحذرون الناس منه، ويخيفونهم بتصوير عالم حيواني لا تحكمه إلا قوانين الغاب، ولكن الفكرة عكس ذلك تماماً ، كلنا نريد مكابح وشرائع لأن أي مجتمع لابد أن يكون لديه مكابح في ظل هذه الفوضى لكي تمنعه من الإنزلاق المجتمعي والأخلاقي والمعرفي، بل إننا نطمح لأن نكون من أكثر المجتمعات إلتزاما بقمة الضوابط الإنسانية والأخلاقية في المجتمعات الحديثة.
لماذا نحن ضد تحكيم الشريعة ؟
يعتقد العديد من هولاء أننا نريد مجتمع لا يحرم الزنا والخمر والسرقة ، ويبيح الفوائد والربا وما إلى ذلك من الكبائر، لكننا على العكس تماماً، نحن متفقين على هذه الثوابت، بل نريد قوانين تمنعها، لكننا نعترض على نوع آخر من القضايا، أو ما يمكننا أن نسميه القضايا الثانوية من الشريعة، والتي تتجاذب بين من يريد تحريمها حسب رأيه ومذهبه، ومن يرى أن السعة موجودة بها، ولكي نكون واضحين وصريحين فإن التخوف من تحكيم الشريعة يقع في ثلاثة نقاط أساسية لا غير :
1ـ تعطيل نصف المجتمع : نحن لدينا مخاوف حقيقية من عدم تمكين المرأة في المجتمع من خلال تشريعات تضيق على المرأة، وتأمرها بالمكوث في البيت إتقاءاً للشبهات، أو تحديد أعمال خاصة لها، أو فصلها على الرجال بحيث يحدث شللاً في الحركة الديناميكية للمجتمع، ويخلق مجتمع معاق إنتاجياً وحركياً ..
2ـ حرية الإنتقاد والتعبير والفكر : إستغلال الشريعة والعبارات المطاطة في خلق بيئة تمنع الإنتقاد والآراء المختلفة بإسم الدين، وفتاوى الخروج عن الحاكم، والفتنة، مع العلم أننا مع وضع حدود للتعبير وعدم الوصول إلى التجريح والإساءة لكن بدون مصادرة لآراء الناس وتفعيل الإرهاب الفكري.
3ـ منع الإبداع من موسيقى ومسرح وغيرها في المطلق : مع أننا نؤمن بأننا نستطيع أن نقدم فن هادف وله ضوابط يمنع الإسفاف يحددها المختصون بالفن، وليس شيوخ دين ليس لديهم علم بالمفردات الفنية، رغم أن بعض المشايخ والمذاهب الإسلامية حللت الغناء والمعازف لو ألتزمت بالضوابط ، ولكننا نرى منعاً جذرياً لا نوافقه.
ويمكنني أن أؤكد لك ، أن هذه هي النقاط الثلاثة الرئيسية التي تشكل حركة رفض قوية لتفعيل الشريعة الإسلامية ..
إن كان الإسلام لا يمنحك حرية التنقل بين الأديان ، ولكنه يمنحك حرية التنقل بين المذاهب، فأنا اليوم مالكي ، لكنني غداً شافعي ، أنا اليوم سلفي لكنني غداً صوفي، أو أشعري أو ماتريدي، فما هي صورة الشريعة الإسلامية التي نريدها ، وبوجهة نظر من ؟ هل الشريعة السلفية ، هل الشريعة المالكية، هل الشريعة الأباضية ، هل الشريعة الصوفية، من حقنا أن نعرف قبل أن تقرر (( وإلا هيا حماسة .. نبو الشريعة الإسلامية وخلاص )) أو (( هلموا لنصرة الإسلام )) نريد أن نعرف عن ماذا نتحدث !! ولا تقل لي الإسلام الوسطي، لأن كل شخص وكل شريعة تعتقد أنها وسطية الإسلام ..
الحالمون يحلمون بتطبيق سلس للشريعة حيث كل بند تراجع فيه كل الآراء والمذاهب ويؤخذ بالمذهب الأيسر والأسهل لتسهيل ديناميكية المجتمع، ولكن الواقع للأسف يخبرنا بأنهم لن يسمعوا لرأي القلة حتى وإن كان صحيحاً ، بل سيندفعون وراء شيوخهم وفتاواهم وآرائهم، وسيتعصب كل منهم لشيخه، وستولد الديكتاتورية الدينية من جديد في صدام لن ينتهي أبداً ، فقصار النظر يعتقدون أن المعركة قصيرة لو أنتصروا فيها سيهدأ المجتمع، لكن الواقع يقول أن لا أحد سينتصر، وستظل الأطراف في صراع يستنزف أحدهم الآخر، وهذا ما يريده أعداء ليبيا طبعاً، تعطيل مسيرة العمل والنهضة التي تحتاج لكل الليبيين ، ووضعنا في صراعات ثانوية وإيدولوجية.
مبادرة ..
المبادرات عديدة وكثيرة، ويمكن حل هذه المعضلة ببساطة شديدة، ولكن الخطر الأكبر يكمن في تعنت بعض الأطراف ورفضهم للجلوس على طاولة النقاش، بإعتبار أن مسألة الشريعة محسومة ولا نقاش فيها، وأحد المبادرات التي يمكن تنفيذها، هي كتابة كل الأشياء التي تخالف الشريعة ( من زنا وخمر وربا ..ألخ ) والتي يتخوف منها الإسلاميون، ووضعها في قوانين مثبتة في الدستور حتى نقطع الطريق على محاولة التلاعب بالدين وتشكيل قوانين جديدة ونواهي جديدة في كل مرّة ..وعندها لا يكون هناك حاجة لوضع لفظة ” شريعة ” بتاتاً في الدستور ، فالشريعة الوسطية التي نريد تم وضعها داخل الدستور..