الشخصية المتدينة أو شخصية العالم الثالث، والأخير، هي سجينة وراء أسوار مجتمعاتنا المتخلفة، الشخصية المتدينة التي تعاني من القهر والكبت والحرمان والقتل والتعذيب والترهيب وكل الأدوات اللاإنسانية الموجودة في المجتمعات الإنسانية، ولكي نستطيع فتح الثغرات في أسوار التخلف المحيط بسجننا لتحرير الشخصية من مخلفات الجهل لابد من الغوص في أعماق ذاتنا ووضع أيدينا على أسباب شقائنا. ان التحليل العلمي والواقعي للشخصية العربية المتدينة ربما تلق الضوء على أسباب تدهور حاضرنا وانعدام الرغبة للتطلع الى مستقبلنا، فإن دراسة العوامل التي تحدد الشخصية وتطورها ومعالجتها من الأمراض النفسية ومن ثم وضعها على الطريق الصحيح لتنطلق وتتطور في كل المجالات الحياتية، لربما ستكون الأمل لتنير الطريق أمام أجيالنا القادمة كما أنار أجدادنا الطريق أمامنا. الشخصية المتدينة هي شخصية تحمي نفسها وتهرب من مسؤولياتها لتبقى دائما في حضن الأب الدافئ (الأب في مرحلة الطفولة) الذي يتحول إلى الله في مرحلة النضج، ولهذا تعيش دوما في مرحلة الطفولة ولا تتعداها، يخدع المؤمن نفسه عندما يقول بأنه يدافع عن الله لأنه في الحقيقة يدافع عن نفسه هو ويقاتل في سبيل أن يبقى في محيط من الحماية والأمن والاستقرار الذي يوفره الأب (الله). وهي بهذا الشكل فإن الشخصية الدينية تسمع ما تريد أن تسمعه، وترى ما تريد رؤيته، تضع الفكرة الميتافيزيقية [علوم ما وراء الطبيعة] كحقيقية أمامها ثم تأمر العقل بأن يقتنع بها. الشخصية الدينية لا تستطيع الخروج من قوقعتها لأنها شخصية غير حرة، لا تستطيع الانطلاق نحو آفاق جديدة لأنها دائمة الشعور بالقلق والإحساس بالذنب تجاه نفسها، هي تشعر بالذنب لمجرد أنها موجودة مخلوقة، وعندما تحس بالذنب، فإنها ستبحث دائما عن العقاب الذي تستحقه، فتفقد رغبتها في التقدم، تختلق لنفسها أي مبرر لتبقى مدينة بالعرفان لشيء تعتقد أنه أعطاها كيانها وخلقها، وهذا الشيء الذي تدين له بالعرفان هو الأب [الله] الشخصية الدينية تلتصق بدينها كما يلتصق الرضيع بأمه وكأنها إحدى الملحقات أو الزوائد للمنظومة الدينية التي ربيت عليها. تجعل من نفسها عبدة، لتؤّمن أمنها وسلامها الداخلي، لا تستطيع الشخصية الدينية أن تعيش الحياة من كافة جوانبها، بل تعيشها من جانب واحد فقط، فتراها لا تستطيع أن تفكر بحرية وبإرادة مستقلة، بل تعيش في قوالب فكرية جامدة، وبذلك لا تستطيع أن تتحرر، ولا تستطيع أن تنمو ولا تستطيع أن تسير نحو الاتزان الكامل في الشخصية. الشخصية الدينية تصبح مملوكة وتابعة لنص ديني، وعندها يخسر الإنسان سيادته على نفسه ويفقد قدرته على التحكم في مجريات حياته، فينحني مع كل نص ديني حتى لو لم يتوافق معه، وتؤثر عليه الأجواء دون قدرته التأثير عليها، يصبح كأنه قارب صغير تقاذفه الأمواج. الإنسان المتدين يخشى أن يحدّث الآخرين بصدق عما يعتريه وعن حقيقة ما يفكر به وما يشعر به وما يحب وما يكره وما يتمنى وما يحلم، يخشى أن يخذل الله الأب ويخاف أن يخذل الأحباء والأصدقاء والآخرين المعتنقين لنفس المذهب الديني والمشاركين في نفس المنظومة الإيمانية، فتراه يبالغ في أشكال الدفاع عن مذهبه ومعتقده محاولاً إسعاد الآخرين ونيل إعجابهم، خصوصاً عندما يساوره القلق من ألا يكون مقبولاً لدى الآخرين إذا ما قال الحقيقة في أنه يعارض بعض الأقوال الإلهية، أو أنه يرى بعض النصوص الدينية غير مناسبة لشخصيته، أو يعبر عن مشاعره الحقيقة تجاه الطقوس الدينية المملة والتي تخلو من أي معنى. إذاً تبقى الشخصية الدينية شخصية محبوسة ضمن سجن مقفل بأبواب حديدية تخشى الخروج لأنها لا تريد مواجهة الأخطار، تقلق من نظرة العالم إليها، تتساءل دائما هل سيقبلها المجتمع، هل سيرفضها المحيط. لقد رهن عقله ومشاعره بكل بساطة لنص ديني يفرض عليه ما يجب أن يفعله وما يجب أن يفكر به وما يجب أن يحلم به وما يجب أن يكره وما يجب أن يحب. لقد استسلم للنص الديني وباستسلامه هذا تخلى عن حرية القرار، الشخصية الدينية تجعل النمو النفسي وعملية النضج تراوح مكانها أشبه بسيارة علقت في الطين، وفي كل مرة تنتفض الشخصية الدينية وتحاول التحرر سواء بالشك أو بمواجهة ذهنية عقلية لتناقضات النصوص الدينية تجد جرعات مهدئة ومخدرة تدخل الجهاز النفسي لتحمل ارتياحا مزيفا، ولتقضي على هذه المواجهة، ومن هذه الجرعات المخدرة هي إرهاب المتدين وتخويفه أن العالم الخارجي قاسي وأنه لن يستطيع مصارعة محنه ومشاكله بعيداً عن المنظومة الدينية التي تحميه، وتجعله يعيش في حالة شك بقدراته على حل مشاكله لوحده، ومع وجود ضعف الثقة بالنفس، يخسر المتدين في النهاية معركته في التخلص من تسلط النصوص الدينية ويفشل في فك اسر شخصيته منها ويفضل عدم المحاولة مجدداً لكي يتجنب آلام الصراع المؤلم الذي ينتابه كلما حاول التخلص من قبضة النصوص. الشخصية الدينية لا تملك الجرأة لتخاطر وتخرج من مخبأها وتكشف عن أفكارها وقراراتها وأحكامها، فلا هي تنمو ولا تساعد غيرها على النمو لتبقى مرغمة على العيش في عواطف مكبوتة، المتدين يعتقد من هو موجود خارج معتقده الديني مخطئ وانه لا أحد غيره يملك الحقيقة، إن رفض المتدين للنقد الديني بكل بساطة هو تخلص مما يولده هذا النقد من صراع لاشعوري، صراع بين الحياة السهلة وتفسير بسيط للظواهر وبين الحياة الراشدة القاسية، بين خضوع تام للأب (الله) وما يحمله من رضوان ومحبة وعطايا وبين تمرد وخروج عن الطاعة وما يحمله من غضب وعقاب وخيبة أمل من قبل الأب تجاه الإنسان. بما أن الشخصية الدينية تكبت لا شعوريا مشاعر الحصر والعدوانية تجاه الله (الأب) الذي يوبخها على مدار الساعة ويستعبدها ويأمرها ويعاملها كطفل و...، فلابد من هذه المشاعر إذاً من أن تظهر ولابد لهذه العدوانية من أن تتفجر، فكيف ستجد المنفذ للخروج من أعماق اللاشعور إلى السطح؟ بكل بساطة تفجر الشخصية الدينية عدوانيتها في وجه الناقد الديني، تراها تقنع نفسها بأن الواجب الأخلاقي هو الذي يحتم عليها أن تدافع وتنتفض وتهاجم بهذه الشراسة ضد كل من يتجرأ على النقد والتشكيك برحمة الله (الأب) أو عدالته. إنها في الحقيقة تستجمع كل العدوانية المتراكمة تجاه الأب (الله) الساحق لها لتفرّغها في صراعٍ مع الناقد، يقول لك المتدين: "لقد أحبني الله حباً عظيماً لدرجة أنه اعتبرني شعب الله المختار، أو انظر لعظمة المحبة التي يكنها الله لي لقد عدّني خير أمة أخرجت للناس، إنه بالتأكيد مدين له بالدفاع عنه وبرد الجميل، وكلما ضاق الخناق على المتدين من قبل الناقد نجد المتدين يزداد عدوانية وشراسة وعنفا كانوا مخفيين موجودين في أعماق اللاشعور لنرى كل هذه المغالاة في الدفاع عن شيء من المفترض أن يكون قوياً وقادرا على الدفاع عن نفسه بنفسه وهو يملك كل هذه القدرات الخارقة الإلهية، تبلغ النصوص الدينية ذروتها في سحق الشخصية وفرض تسلطها المطلق عليها عندما تحمل هذه النصوص التناقض والازدواجية، كأن يعاقبك نص ديني على فعلك لأمر معين ثم يعود ليعاقبك إن لم تفعل هذا الأمر والنصوص الدينية مليئة بهذه التناقضات. إن كبت العواطف المستمر من قبل الشخصية الدينية سيدعها تسيّر الإنسان لتجعل حياته مأساة متواصلة، تفتقر للنضج، عندما يحرر نفسه من القوالب الجامدة المتمثلة بالنصوص الدينية عندها سيتمكن من أن يكون ذاته وسيتمكن من أن يكبر وأن ينمو. وإذا كان المتدين يرفض أن يتحرر وأن ينمو نحو آفاق جديدة، فهذا قانون مريح وهذا أسهل شيء يمكن لإنسان أن يفعله، لكنه سيبقى رهينة خديعة مضللة كبرى، قال سامي إبراهيم أن الشخصية العربية والمتدينة تتسم بالتخلف الذي يبدو واضحا على كل الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والدينية والنفسية، ان أهمية دراسة العقلية المتخلفة تفسر لنا مدى القهر والفقر والجهل الذي نعاني منه، ان مأزق العقلانية وتعطل المنطق وإلحاح الحاجة الى الحل ينجرف الإنسان المتخلف في التفكير الخرافي كوسيلة سحرية للخلاص، ولهذا السبب تكثر النظرة الخرافية في مجتمعاتنا المقهورة، [الدكتور إبراهيم بدران والدكتورة سلوى الخماش]، تعرف الخرافة على أنها أفكار وممارسات وعادات لا تستند الى مبرر عقلاني، ولا تخضع لأي مفهوم علمي سواء من حيث النظرية أو من حيث التطبيق، وتتفشى الذهنية الخرافية في الطبقات الفقيرة كوسيلة لتخفيف الآلام من خلال الأوهام، واستفحالها في أوقات الأزمات، كما أن العلم في الوطن العربي أو العالم الثالث لا يشكل إلا قشرة رقيقة للعقل المتخلف يمكن أن تتساقط عند أول اهتزاز، ان العلم لا يعدو أن يكون معطفا يلبسه المعلم ليلق درسا أو دكتور ليلقي محاضرة أو طبيبا ليعالج مريضا حيث لا يلبث أن يخلعه ليعود الى بيئته وعائلته كأي انسان عادي متخلف. ان المؤمن عندما يصف لنا حقيقة إحساسه الديني، لا تجد في وصفه موقفا فكريا عقلانيا من أي نوع، فالخبرة الدينية لا تعمل على زيادة معارفه ومعلوماته، بل تجعل منه إنسانا متكاملا مع نفسه، ومع كل ما يحيط به. وتتعرض المرأة الى كافة أنواع الاستغلال والرضوخ والتبعية وإنكارا لوجودها وانسانيتها واجبارها على تبني قيم سلوكية تتمشى مع القهر الذي فرض عليها، وبذلك تقاوم تحررها وترسخ البنى التسلطية المتخلفة التي فرضت عليها وتعممها على الآخرين من خلال أطفالها البنات اللاتي ينشأن على الرضوخ والاستسلام مثلها لأب أو لأخ أو لزوج ومن خلال أطفالها الذكور الذين ينشؤوا على الرضوخ للسلطة والتبعية لسيادة القلة ذو الحظوة والمعاملة الفوقية للأنثى. العالم المتخلف هو عالم فقد كرامته الإنسانية بمختلف صورها، وتحول الانسان الى شيء أو أداة أو وسيلة. الدكتور مصطفى الحجازي يقول إن الانسان المقهور يستخدم نفس أسلوب المتسلط من الكذب والخداع والتضليل، نفس خطاب السلطة المتسلطة على الجماهير المقهورة، يتضمن الوعود المعسولة والتضليل تحت شعار الغايات النبيلة، الوعود الإصلاحية والخطط الإنمائية والأخلاق والرقي والتقدم والمستقبل الأفضل. كلها هراء اعتادت عليها الجماهير وهي بدورها تخادع وتضلل حين تدعي الولاء وتتظاهر بالتبعية، وهذا ما يؤدي الى عقدة النقص التي تجعل الخوف يتحكم بالإنسان المقهور، الخوف من السلطة ومن قوى الطبيعة ومن فقدان القدرة على المجابهة والخوف من الآخرين وانعدام ما يدعى بالكفاءة الاجتماعية والمعرفية مما يؤدي الى عقدة العار، ان الانسان المقهور الذي يخجل من نفسه يكون في دفاع دائم ضد افتضاح أمره، افتضاح بؤسه وعجزه، وهذا ما يدعى بالجرح النرجسي الذي يشكل أكثر مواطن الوجود الإنساني ضعفا ومسا بكبريائه الذاتي، انها الكرامة المهددة، ولذلك فإن العزة والكرامة تحتلان مكانة أساسية في خطاب الانسان المقهور, ويسقط الانسان المقهور العار على المرأة، المرأة العورة، موطن الضعف والعيب، ويربط شرفه كله وكرامته كلها بأمر جنسي ليس له أي مبرر من الناحية البيولوجية، أي الحياة الجنسية للمرأة، ان التخلف والعجز والعقد النفسية وطول معاناة الإنسان المقهور يؤدي الى ما يدعى اضطراب الديمومة وهي تضخم آلام الماضي وتأزم في معاناة الحاضر وانسداد آفاق المستقبل. تنطلق الذهنية المتخلفة من مبدأ السببية الميكانيكية في النظرة للأمور، السببية ذات الاتجاه الواحد أي سبب معين يؤدي الى نتيجة معينة، أما الحركة في الاتجاه المعاكس أي تأثير النتيجة على السبب فغير متصورة، كما أن الذهنية المتخلفة تعجز عن رؤية قانون التناقض، أو تكامل الأضداد، فالحقد مثلا لا يتم إلا في علاقة مع الآخر لينصب عليه الحقد، كما وتعجز هذه الذهنية عن إدراك العلاقة الجدلية بين الزمان والمكان، بين التاريخي في الزمان والبنية أي الظاهرة الخارجة عن الزمان، وهما أمران متلازمان يتبادلان التحديد والتأثير، تاريخ ظاهرة ما يحدد بنيتها الراهنة، التي تنعكس على صيرورتها فتحدد تطورها الذي يعود ليغير من بنيتها، ان انسان العالم المتخلف يرزح تحت عبء انفعالاته التي تفيض على العالم –مصطفى حجازي- بسبب القمع المزمن مما يؤدي الى التعصب والتحيز وسرعة اطلاق الأحكام القطعية والمسبقة وسيطرة التفكير الخرافي والسحري، ان سبب التخلف في وطننا العربي على الأقل يعود الى سياسة التعليم وعلاقات القهر والتسلط السائد فيه. ان كل ما يحيط بحياتنا من نجاح أو فشل هو من انتاج أفكارنا فكل ما يؤمن به عقلك الواعي يترجمه عقلك الباطن الى واقع تعيشه، ان ما تعتقد، هو ما يترجمه عقلك الباطن الى سلوك فأنك عندما تؤمن بأنك تستطيع القيام بأمر معين فإنك تنجزه، وعندما تؤمن بأنك لا تستطيع القيام بأمر معين فإنك لا تستطيع القيام به. أجرى طبيب الأمراض النفسية والعصبية جيمس بري سكوت تحليلات للحضارة في 400 مجتمع من المجتمعات قبل الصناعية فوجد أن الحضارات التي تغدق على أطفالها الحنان الحسي تميل الى أن تكون غير راغبة بالعنف وحتى المجتمعات التي لا تحيط أطفالها بحنان كبير تنشئ راشدين غير متسمين بالعنف, شريطة ان لا يكبت فيها النشاط الجنسي في سن المراهقة، ويعتقد بري سكوت أن الحضارات ذات الاستعداد لممارسة العنف مؤلفة من أفراد كانوا قد حرموا خلال مرحلة أو مرحلتين من مراحل حياتهم الحرجة، كالطفولة والمراهقة من مسرات الجسد، أما حيث تشجع العاطفة الحسية فلا تظهر السرقة، والمشاعر الدينية المقننة والاستعراض البغيض للثراء وحيث يعاقب الأولاد بدنيا تكون ثمة ميول الى العبودية وشيوع القتل وتعذيب الأعداء وتقطيع أجسامهم والإذلال المكرس للنساء، والاعتقاد بوجود كائن واحد أو عدة كائنات غيبية تتدخل في الحياة اليومية. فالأطفال لديهم جوع الى العاطفة الحسية والمراهقون مشدودون بقوة الى النشاط الجنسي ولو امتلك الصغار الحرية التي يريدونها لأمكن ان تتطور تلك المجتمعات التي لا يقبل بها الراشدون فيها بالعدوانية والإقليمية والتراتبية الطقوسية والاجتماعية، وإذا كان [بري سكوت] محقا فإن إيذاء الأطفال والكبت الجنسي العنيف هما في عصر الأسلحة النووية، جريمة ضد الإنسانية. ان القمع الجنسي يعطل تدخل نزوة الحياة لضبط نزوة الموت، وتنفجر العدوانية دون ضوابط، ويتسرب الجنس من خلال هذه العدوانية وتتحول الى حقد، هذه الحقد الذي يهدم كل علاقة إيجابية، كما أن القهر من خلال الإرهاب والقمع هو الحقيقة التي تعشش في بنية المجتمع المتخلف تلك هي كارثة الرباط الإنساني طالما لم تتغير العلاقة بأخرى أكثر مساواة تعيد الاعتبار الى الحاكم والمحكوم. في مجتمعنا العربي والإسلامي، هنالك الكثير من الأطفال الذين ترعرعوا في بيئة تنقصها كل مقتضيات الحياة والعلوم والثقافة، أطفالا جوعى للعاطفة الحسية، وللحرية ضد العبودية الأسرية والبيئية والجنسية، هذا بالإضافة الى كل الأمراض النفسية الموروثة من الأبوين أولا ومن المجتمع ثانية، العيب والحرام والإحساس بالذنب، أدوات اخترعتها الأديان لكي تقيد حركتنا، ولكي تمنعنا من الاستمتاع بعيشنا، وتحرير أفكارنا من الخرافات والأوهام، لو تسنى للرجال والنساء الحديث بصراحة عن علاقاتهم وعن مشاعرهم وعن أجسادهم لكانت البشرية جمعاء أكثر ازدهارا وإبداعا، فالأديان شكل من أشكال الاستبداد النفسي الذي يقيد عقولنا بتقييد أجسادنا أولا، وان ما نشاهده في مجتمعاتنا حاليا خير دليل على همجية شعوبنا المحرومة، حب القتل وسفك الدماء والتعذيب والتمثيل بالجثث والسرقة وإهانة المرأة واغتصابها والسبي والعبودية وبيع وشراء المرأة كأي سلعة والأقبح من كل هذا، القتل بأبشع الوسائل على يد من يمثل الأديان على حقيقتها مثل الدولة الإسلامية وغيرها، إنهم يستخرجون القوانين من الآيات القرآنية ليحللوا أفعالهم الشيطانية وجرائمهم اللاإنسانية.
الشخصية المتدينة
أبو عماد- Admin
- عدد المساهمات : 796
تاريخ التسجيل : 20/11/2012
العمر : 69
الموقع : damas
- مساهمة رقم 1
الشخصية المتدينة
الشخصية المتدينة أو شخصية العالم الثالث، والأخير، هي سجينة وراء أسوار مجتمعاتنا المتخلفة، الشخصية المتدينة التي تعاني من القهر والكبت والحرمان والقتل والتعذيب والترهيب وكل الأدوات اللاإنسانية الموجودة في المجتمعات الإنسانية، ولكي نستطيع فتح الثغرات في أسوار التخلف المحيط بسجننا لتحرير الشخصية من مخلفات الجهل لابد من الغوص في أعماق ذاتنا ووضع أيدينا على أسباب شقائنا. ان التحليل العلمي والواقعي للشخصية العربية المتدينة ربما تلق الضوء على أسباب تدهور حاضرنا وانعدام الرغبة للتطلع الى مستقبلنا، فإن دراسة العوامل التي تحدد الشخصية وتطورها ومعالجتها من الأمراض النفسية ومن ثم وضعها على الطريق الصحيح لتنطلق وتتطور في كل المجالات الحياتية، لربما ستكون الأمل لتنير الطريق أمام أجيالنا القادمة كما أنار أجدادنا الطريق أمامنا. الشخصية المتدينة هي شخصية تحمي نفسها وتهرب من مسؤولياتها لتبقى دائما في حضن الأب الدافئ (الأب في مرحلة الطفولة) الذي يتحول إلى الله في مرحلة النضج، ولهذا تعيش دوما في مرحلة الطفولة ولا تتعداها، يخدع المؤمن نفسه عندما يقول بأنه يدافع عن الله لأنه في الحقيقة يدافع عن نفسه هو ويقاتل في سبيل أن يبقى في محيط من الحماية والأمن والاستقرار الذي يوفره الأب (الله). وهي بهذا الشكل فإن الشخصية الدينية تسمع ما تريد أن تسمعه، وترى ما تريد رؤيته، تضع الفكرة الميتافيزيقية [علوم ما وراء الطبيعة] كحقيقية أمامها ثم تأمر العقل بأن يقتنع بها. الشخصية الدينية لا تستطيع الخروج من قوقعتها لأنها شخصية غير حرة، لا تستطيع الانطلاق نحو آفاق جديدة لأنها دائمة الشعور بالقلق والإحساس بالذنب تجاه نفسها، هي تشعر بالذنب لمجرد أنها موجودة مخلوقة، وعندما تحس بالذنب، فإنها ستبحث دائما عن العقاب الذي تستحقه، فتفقد رغبتها في التقدم، تختلق لنفسها أي مبرر لتبقى مدينة بالعرفان لشيء تعتقد أنه أعطاها كيانها وخلقها، وهذا الشيء الذي تدين له بالعرفان هو الأب [الله] الشخصية الدينية تلتصق بدينها كما يلتصق الرضيع بأمه وكأنها إحدى الملحقات أو الزوائد للمنظومة الدينية التي ربيت عليها. تجعل من نفسها عبدة، لتؤّمن أمنها وسلامها الداخلي، لا تستطيع الشخصية الدينية أن تعيش الحياة من كافة جوانبها، بل تعيشها من جانب واحد فقط، فتراها لا تستطيع أن تفكر بحرية وبإرادة مستقلة، بل تعيش في قوالب فكرية جامدة، وبذلك لا تستطيع أن تتحرر، ولا تستطيع أن تنمو ولا تستطيع أن تسير نحو الاتزان الكامل في الشخصية. الشخصية الدينية تصبح مملوكة وتابعة لنص ديني، وعندها يخسر الإنسان سيادته على نفسه ويفقد قدرته على التحكم في مجريات حياته، فينحني مع كل نص ديني حتى لو لم يتوافق معه، وتؤثر عليه الأجواء دون قدرته التأثير عليها، يصبح كأنه قارب صغير تقاذفه الأمواج. الإنسان المتدين يخشى أن يحدّث الآخرين بصدق عما يعتريه وعن حقيقة ما يفكر به وما يشعر به وما يحب وما يكره وما يتمنى وما يحلم، يخشى أن يخذل الله الأب ويخاف أن يخذل الأحباء والأصدقاء والآخرين المعتنقين لنفس المذهب الديني والمشاركين في نفس المنظومة الإيمانية، فتراه يبالغ في أشكال الدفاع عن مذهبه ومعتقده محاولاً إسعاد الآخرين ونيل إعجابهم، خصوصاً عندما يساوره القلق من ألا يكون مقبولاً لدى الآخرين إذا ما قال الحقيقة في أنه يعارض بعض الأقوال الإلهية، أو أنه يرى بعض النصوص الدينية غير مناسبة لشخصيته، أو يعبر عن مشاعره الحقيقة تجاه الطقوس الدينية المملة والتي تخلو من أي معنى. إذاً تبقى الشخصية الدينية شخصية محبوسة ضمن سجن مقفل بأبواب حديدية تخشى الخروج لأنها لا تريد مواجهة الأخطار، تقلق من نظرة العالم إليها، تتساءل دائما هل سيقبلها المجتمع، هل سيرفضها المحيط. لقد رهن عقله ومشاعره بكل بساطة لنص ديني يفرض عليه ما يجب أن يفعله وما يجب أن يفكر به وما يجب أن يحلم به وما يجب أن يكره وما يجب أن يحب. لقد استسلم للنص الديني وباستسلامه هذا تخلى عن حرية القرار، الشخصية الدينية تجعل النمو النفسي وعملية النضج تراوح مكانها أشبه بسيارة علقت في الطين، وفي كل مرة تنتفض الشخصية الدينية وتحاول التحرر سواء بالشك أو بمواجهة ذهنية عقلية لتناقضات النصوص الدينية تجد جرعات مهدئة ومخدرة تدخل الجهاز النفسي لتحمل ارتياحا مزيفا، ولتقضي على هذه المواجهة، ومن هذه الجرعات المخدرة هي إرهاب المتدين وتخويفه أن العالم الخارجي قاسي وأنه لن يستطيع مصارعة محنه ومشاكله بعيداً عن المنظومة الدينية التي تحميه، وتجعله يعيش في حالة شك بقدراته على حل مشاكله لوحده، ومع وجود ضعف الثقة بالنفس، يخسر المتدين في النهاية معركته في التخلص من تسلط النصوص الدينية ويفشل في فك اسر شخصيته منها ويفضل عدم المحاولة مجدداً لكي يتجنب آلام الصراع المؤلم الذي ينتابه كلما حاول التخلص من قبضة النصوص. الشخصية الدينية لا تملك الجرأة لتخاطر وتخرج من مخبأها وتكشف عن أفكارها وقراراتها وأحكامها، فلا هي تنمو ولا تساعد غيرها على النمو لتبقى مرغمة على العيش في عواطف مكبوتة، المتدين يعتقد من هو موجود خارج معتقده الديني مخطئ وانه لا أحد غيره يملك الحقيقة، إن رفض المتدين للنقد الديني بكل بساطة هو تخلص مما يولده هذا النقد من صراع لاشعوري، صراع بين الحياة السهلة وتفسير بسيط للظواهر وبين الحياة الراشدة القاسية، بين خضوع تام للأب (الله) وما يحمله من رضوان ومحبة وعطايا وبين تمرد وخروج عن الطاعة وما يحمله من غضب وعقاب وخيبة أمل من قبل الأب تجاه الإنسان. بما أن الشخصية الدينية تكبت لا شعوريا مشاعر الحصر والعدوانية تجاه الله (الأب) الذي يوبخها على مدار الساعة ويستعبدها ويأمرها ويعاملها كطفل و...، فلابد من هذه المشاعر إذاً من أن تظهر ولابد لهذه العدوانية من أن تتفجر، فكيف ستجد المنفذ للخروج من أعماق اللاشعور إلى السطح؟ بكل بساطة تفجر الشخصية الدينية عدوانيتها في وجه الناقد الديني، تراها تقنع نفسها بأن الواجب الأخلاقي هو الذي يحتم عليها أن تدافع وتنتفض وتهاجم بهذه الشراسة ضد كل من يتجرأ على النقد والتشكيك برحمة الله (الأب) أو عدالته. إنها في الحقيقة تستجمع كل العدوانية المتراكمة تجاه الأب (الله) الساحق لها لتفرّغها في صراعٍ مع الناقد، يقول لك المتدين: "لقد أحبني الله حباً عظيماً لدرجة أنه اعتبرني شعب الله المختار، أو انظر لعظمة المحبة التي يكنها الله لي لقد عدّني خير أمة أخرجت للناس، إنه بالتأكيد مدين له بالدفاع عنه وبرد الجميل، وكلما ضاق الخناق على المتدين من قبل الناقد نجد المتدين يزداد عدوانية وشراسة وعنفا كانوا مخفيين موجودين في أعماق اللاشعور لنرى كل هذه المغالاة في الدفاع عن شيء من المفترض أن يكون قوياً وقادرا على الدفاع عن نفسه بنفسه وهو يملك كل هذه القدرات الخارقة الإلهية، تبلغ النصوص الدينية ذروتها في سحق الشخصية وفرض تسلطها المطلق عليها عندما تحمل هذه النصوص التناقض والازدواجية، كأن يعاقبك نص ديني على فعلك لأمر معين ثم يعود ليعاقبك إن لم تفعل هذا الأمر والنصوص الدينية مليئة بهذه التناقضات. إن كبت العواطف المستمر من قبل الشخصية الدينية سيدعها تسيّر الإنسان لتجعل حياته مأساة متواصلة، تفتقر للنضج، عندما يحرر نفسه من القوالب الجامدة المتمثلة بالنصوص الدينية عندها سيتمكن من أن يكون ذاته وسيتمكن من أن يكبر وأن ينمو. وإذا كان المتدين يرفض أن يتحرر وأن ينمو نحو آفاق جديدة، فهذا قانون مريح وهذا أسهل شيء يمكن لإنسان أن يفعله، لكنه سيبقى رهينة خديعة مضللة كبرى، قال سامي إبراهيم أن الشخصية العربية والمتدينة تتسم بالتخلف الذي يبدو واضحا على كل الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والدينية والنفسية، ان أهمية دراسة العقلية المتخلفة تفسر لنا مدى القهر والفقر والجهل الذي نعاني منه، ان مأزق العقلانية وتعطل المنطق وإلحاح الحاجة الى الحل ينجرف الإنسان المتخلف في التفكير الخرافي كوسيلة سحرية للخلاص، ولهذا السبب تكثر النظرة الخرافية في مجتمعاتنا المقهورة، [الدكتور إبراهيم بدران والدكتورة سلوى الخماش]، تعرف الخرافة على أنها أفكار وممارسات وعادات لا تستند الى مبرر عقلاني، ولا تخضع لأي مفهوم علمي سواء من حيث النظرية أو من حيث التطبيق، وتتفشى الذهنية الخرافية في الطبقات الفقيرة كوسيلة لتخفيف الآلام من خلال الأوهام، واستفحالها في أوقات الأزمات، كما أن العلم في الوطن العربي أو العالم الثالث لا يشكل إلا قشرة رقيقة للعقل المتخلف يمكن أن تتساقط عند أول اهتزاز، ان العلم لا يعدو أن يكون معطفا يلبسه المعلم ليلق درسا أو دكتور ليلقي محاضرة أو طبيبا ليعالج مريضا حيث لا يلبث أن يخلعه ليعود الى بيئته وعائلته كأي انسان عادي متخلف. ان المؤمن عندما يصف لنا حقيقة إحساسه الديني، لا تجد في وصفه موقفا فكريا عقلانيا من أي نوع، فالخبرة الدينية لا تعمل على زيادة معارفه ومعلوماته، بل تجعل منه إنسانا متكاملا مع نفسه، ومع كل ما يحيط به. وتتعرض المرأة الى كافة أنواع الاستغلال والرضوخ والتبعية وإنكارا لوجودها وانسانيتها واجبارها على تبني قيم سلوكية تتمشى مع القهر الذي فرض عليها، وبذلك تقاوم تحررها وترسخ البنى التسلطية المتخلفة التي فرضت عليها وتعممها على الآخرين من خلال أطفالها البنات اللاتي ينشأن على الرضوخ والاستسلام مثلها لأب أو لأخ أو لزوج ومن خلال أطفالها الذكور الذين ينشؤوا على الرضوخ للسلطة والتبعية لسيادة القلة ذو الحظوة والمعاملة الفوقية للأنثى. العالم المتخلف هو عالم فقد كرامته الإنسانية بمختلف صورها، وتحول الانسان الى شيء أو أداة أو وسيلة. الدكتور مصطفى الحجازي يقول إن الانسان المقهور يستخدم نفس أسلوب المتسلط من الكذب والخداع والتضليل، نفس خطاب السلطة المتسلطة على الجماهير المقهورة، يتضمن الوعود المعسولة والتضليل تحت شعار الغايات النبيلة، الوعود الإصلاحية والخطط الإنمائية والأخلاق والرقي والتقدم والمستقبل الأفضل. كلها هراء اعتادت عليها الجماهير وهي بدورها تخادع وتضلل حين تدعي الولاء وتتظاهر بالتبعية، وهذا ما يؤدي الى عقدة النقص التي تجعل الخوف يتحكم بالإنسان المقهور، الخوف من السلطة ومن قوى الطبيعة ومن فقدان القدرة على المجابهة والخوف من الآخرين وانعدام ما يدعى بالكفاءة الاجتماعية والمعرفية مما يؤدي الى عقدة العار، ان الانسان المقهور الذي يخجل من نفسه يكون في دفاع دائم ضد افتضاح أمره، افتضاح بؤسه وعجزه، وهذا ما يدعى بالجرح النرجسي الذي يشكل أكثر مواطن الوجود الإنساني ضعفا ومسا بكبريائه الذاتي، انها الكرامة المهددة، ولذلك فإن العزة والكرامة تحتلان مكانة أساسية في خطاب الانسان المقهور, ويسقط الانسان المقهور العار على المرأة، المرأة العورة، موطن الضعف والعيب، ويربط شرفه كله وكرامته كلها بأمر جنسي ليس له أي مبرر من الناحية البيولوجية، أي الحياة الجنسية للمرأة، ان التخلف والعجز والعقد النفسية وطول معاناة الإنسان المقهور يؤدي الى ما يدعى اضطراب الديمومة وهي تضخم آلام الماضي وتأزم في معاناة الحاضر وانسداد آفاق المستقبل. تنطلق الذهنية المتخلفة من مبدأ السببية الميكانيكية في النظرة للأمور، السببية ذات الاتجاه الواحد أي سبب معين يؤدي الى نتيجة معينة، أما الحركة في الاتجاه المعاكس أي تأثير النتيجة على السبب فغير متصورة، كما أن الذهنية المتخلفة تعجز عن رؤية قانون التناقض، أو تكامل الأضداد، فالحقد مثلا لا يتم إلا في علاقة مع الآخر لينصب عليه الحقد، كما وتعجز هذه الذهنية عن إدراك العلاقة الجدلية بين الزمان والمكان، بين التاريخي في الزمان والبنية أي الظاهرة الخارجة عن الزمان، وهما أمران متلازمان يتبادلان التحديد والتأثير، تاريخ ظاهرة ما يحدد بنيتها الراهنة، التي تنعكس على صيرورتها فتحدد تطورها الذي يعود ليغير من بنيتها، ان انسان العالم المتخلف يرزح تحت عبء انفعالاته التي تفيض على العالم –مصطفى حجازي- بسبب القمع المزمن مما يؤدي الى التعصب والتحيز وسرعة اطلاق الأحكام القطعية والمسبقة وسيطرة التفكير الخرافي والسحري، ان سبب التخلف في وطننا العربي على الأقل يعود الى سياسة التعليم وعلاقات القهر والتسلط السائد فيه. ان كل ما يحيط بحياتنا من نجاح أو فشل هو من انتاج أفكارنا فكل ما يؤمن به عقلك الواعي يترجمه عقلك الباطن الى واقع تعيشه، ان ما تعتقد، هو ما يترجمه عقلك الباطن الى سلوك فأنك عندما تؤمن بأنك تستطيع القيام بأمر معين فإنك تنجزه، وعندما تؤمن بأنك لا تستطيع القيام بأمر معين فإنك لا تستطيع القيام به. أجرى طبيب الأمراض النفسية والعصبية جيمس بري سكوت تحليلات للحضارة في 400 مجتمع من المجتمعات قبل الصناعية فوجد أن الحضارات التي تغدق على أطفالها الحنان الحسي تميل الى أن تكون غير راغبة بالعنف وحتى المجتمعات التي لا تحيط أطفالها بحنان كبير تنشئ راشدين غير متسمين بالعنف, شريطة ان لا يكبت فيها النشاط الجنسي في سن المراهقة، ويعتقد بري سكوت أن الحضارات ذات الاستعداد لممارسة العنف مؤلفة من أفراد كانوا قد حرموا خلال مرحلة أو مرحلتين من مراحل حياتهم الحرجة، كالطفولة والمراهقة من مسرات الجسد، أما حيث تشجع العاطفة الحسية فلا تظهر السرقة، والمشاعر الدينية المقننة والاستعراض البغيض للثراء وحيث يعاقب الأولاد بدنيا تكون ثمة ميول الى العبودية وشيوع القتل وتعذيب الأعداء وتقطيع أجسامهم والإذلال المكرس للنساء، والاعتقاد بوجود كائن واحد أو عدة كائنات غيبية تتدخل في الحياة اليومية. فالأطفال لديهم جوع الى العاطفة الحسية والمراهقون مشدودون بقوة الى النشاط الجنسي ولو امتلك الصغار الحرية التي يريدونها لأمكن ان تتطور تلك المجتمعات التي لا يقبل بها الراشدون فيها بالعدوانية والإقليمية والتراتبية الطقوسية والاجتماعية، وإذا كان [بري سكوت] محقا فإن إيذاء الأطفال والكبت الجنسي العنيف هما في عصر الأسلحة النووية، جريمة ضد الإنسانية. ان القمع الجنسي يعطل تدخل نزوة الحياة لضبط نزوة الموت، وتنفجر العدوانية دون ضوابط، ويتسرب الجنس من خلال هذه العدوانية وتتحول الى حقد، هذه الحقد الذي يهدم كل علاقة إيجابية، كما أن القهر من خلال الإرهاب والقمع هو الحقيقة التي تعشش في بنية المجتمع المتخلف تلك هي كارثة الرباط الإنساني طالما لم تتغير العلاقة بأخرى أكثر مساواة تعيد الاعتبار الى الحاكم والمحكوم. في مجتمعنا العربي والإسلامي، هنالك الكثير من الأطفال الذين ترعرعوا في بيئة تنقصها كل مقتضيات الحياة والعلوم والثقافة، أطفالا جوعى للعاطفة الحسية، وللحرية ضد العبودية الأسرية والبيئية والجنسية، هذا بالإضافة الى كل الأمراض النفسية الموروثة من الأبوين أولا ومن المجتمع ثانية، العيب والحرام والإحساس بالذنب، أدوات اخترعتها الأديان لكي تقيد حركتنا، ولكي تمنعنا من الاستمتاع بعيشنا، وتحرير أفكارنا من الخرافات والأوهام، لو تسنى للرجال والنساء الحديث بصراحة عن علاقاتهم وعن مشاعرهم وعن أجسادهم لكانت البشرية جمعاء أكثر ازدهارا وإبداعا، فالأديان شكل من أشكال الاستبداد النفسي الذي يقيد عقولنا بتقييد أجسادنا أولا، وان ما نشاهده في مجتمعاتنا حاليا خير دليل على همجية شعوبنا المحرومة، حب القتل وسفك الدماء والتعذيب والتمثيل بالجثث والسرقة وإهانة المرأة واغتصابها والسبي والعبودية وبيع وشراء المرأة كأي سلعة والأقبح من كل هذا، القتل بأبشع الوسائل على يد من يمثل الأديان على حقيقتها مثل الدولة الإسلامية وغيرها، إنهم يستخرجون القوانين من الآيات القرآنية ليحللوا أفعالهم الشيطانية وجرائمهم اللاإنسانية.