لماذا نحتفل برأس السنة في الأول من يناير؟ الفيزيائيون The Physicists يدور كوكبنا الأرض حول الشمس دون توقف مذ أتى إلى الوجود منذ 4.54 مليار سنة تقريبا، أي أنه و منذ تلك اللحظة و إلى الآن قد أكمل 4.54 مليار دورة، تعادل كل منها أقل بقليل من 365،25 يوما، أو 365،25 دورة للكوكب حول محوره. و لكن لا توجد أي علامة فارقة أو شارة في الفضاء تحدد بداية دورة حول الشمس و نهايتها. ما الذي يجعلنا إذن نحتفل بيوم محدد كبداية للسنة؟ لقد لاحظ البشر منذ القدم تعاقب الفصول و دورتها المستمرة، و لارتباطها بالزراعة التي أصبحت أساس حياة الإنسان منذ الثورة الزراعية 9000 سنة قبل الميلاد، اهتموا بحسابها و اخترعوا تقويمات تحدد التواريخ المرتبطة بأهم الأحداث التي لها وقع على المردود الزراعي (ليست كل التقويمات مرتبطة بالفصول بالطبع، و لكن هذا موضوع آخر). و في هذا الصدد اختاروا يوما رمزيا يمثل نهاية دورة للفصول و بداية دورة جديدة، حسب ما يبدو لهم حدثا يمثل تحولا مهماً نحو الأفضل. في التقويم البابلي و التقويم الإيراني الحديث و التقويم الهندوسي مثلاً، تبدأ السنة في فصل الربيع، حيث تتخذ الطبيعة رونقاً جديداً و تعود للحياة بعد فترة الشتاء الصعبة. حضارات أخرى، خصوصا تلك التي تواجدت في مناطق باردة في الجزء الشمالي من الكوكب كانت تحتفل بالانقلاب الشتوي، الذي يمثل أقصر نهار و أطول ليل في السنة، الموافق لـ 21 أو 22 من ديسمبر/كانون الأول في التقويم الجريجوري الأكثر استعمالاً حالياً، ذلك أنه ابتداء من ذلك اليوم يبدأ النهار في الاستطالة تدريجياً مرة أخرى، كما أنه كان يمثل آخر احتفال قبل أيام الشتاء القاسية، و يتم ذبح جزء كبير من الماشية كوليمة للمحتفلين و أيضا كوسيلة لادخار المؤونة عن طريق تقليص عدد رؤوس الماشية التي ينبغي إطعامها. اختيار بداية شهر يناير/كانون الثاني (*) يبدو الآن أكثر منطقية، حيث لا تفصله سوى أيام عن الانقلاب الشتوي و يكون النهار قد بدأ في الاستطالة. و هنالك سبب فلكي آخر قد يدعم اختيار هذه الفترة كبداية للسنة الجديدة، و هو كون يوم 3 يناير يمثل "الحضيض" أو الموضع من مدار الأرض الذي تكون فيه أقرب للشمس من أي وقت آخر. لكن يبقى سؤالنا الأول مطروحاً: لماذا يوم 1 يناير تحديداً و ليس يوماً قبله أو يوماً بعده؟ في الواقع ليس هنالك أي سبب فلكي يجعل ذلك اليوم مميزاً عن غيره بشكل خاص. و السبب في اختيار ذلك اليوم بالأساس يرجع ليوليوس قيصر، امبراطور الرومان، الذي جعل الاحتفال بالإله يانوس بداية للسنة، و هو إله الزمن و البدايات و الأبواب، الذي سمي شهر يناير باسمه، و الذي يمثل عادة بوجهين ينظر أحدهما نحو الماضي و يتطلع الآخر نحو المستقبل، ليتوافق أيضاً مع السنة الإدارية الرومانية حيث كان تعيين أو إعادة تعيين القنصلين، الذين يشغلان أعلى منصب سياسي في الامبراطورية، يتم في ذلك اليوم. لكن بعد انتشار المسيحية في أوروبا، اعتبر العديدون أن الاحتفال برأس السنة في الأول من يناير عادة وثنية، و أصبح البعض يحتفل في تواريخ أخرى، كالأول من مارس/آذار، أو الخامس و العشرين منه (عيد السيدة مريم)، أو الخامس و العشرين من ديسمبر/كانون الأول (عيد ميلاد المسيح)، إلى أن قرر البابا جريجوري الثالث عشر مع نهاية القرن السادس عشر توحيد الاحتفال برأس السنة و إصلاح التقويم بإضافة يوم للسنة في شهر فبراير/شباط كل أربع سنوات. و مع نهاية القرن الثامن عشر أصبح الاحتفال برأس السنة في الأول من يناير معتمداً من طرف جميع الدول الأوروبية و مستعمراتها. (*) سؤال تم طرحه في تعليق على منشور سابق عن السبب في تسمية "يناير" بـ "كانون الثاني" في بعض الدول العربية، رغم أنه الشهر الأول من السنة، و نعيد نشر الإجابة هنا: أسماء الشهور المستعملة في بعض الدول العربية مثل سوريا و لبنان، أتت من الآرامية، و هي معتمدة على التقويم البابلي القديم الذي كانت السنة تبدأ فيه في فصل الربيع (ابتداء من شهر نيسان/أبريل). بحث و إعداد: Antoni Ledna مراجعة: Mario Rahal & El-Yo Khoury تصميم الصورة: Pipo Khalid المصادر: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
لماذا نحتفل برأس السنة في الأول من يناير؟
أبو عماد- Admin
- عدد المساهمات : 796
تاريخ التسجيل : 20/11/2012
العمر : 69
الموقع : damas
- مساهمة رقم 1