الإنسانية



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الإنسانية

الإنسانية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الإنسانية

الارتقاء الى المستوى الإنساني


  • إرسال موضوع جديد
  • إرسال مساهمة في موضوع

اسطورة سيسيفوس

أبو عماد
أبو عماد
Admin


عدد المساهمات : 796
تاريخ التسجيل : 20/11/2012
العمر : 68
الموقع : damas

اسطورة سيسيفوس  Empty اسطورة سيسيفوس

مُساهمة  أبو عماد الأحد 19 يونيو 2022 - 21:51


ذات يوم جلس سيسيفوس فوق سطح قلعة أفروى كعادته ، يرنو بنظره الثاقب فى الفضاء الممتد، شاهد فجأة فى الفضاء البعيد كتلة ضخمة داكنة اللون تنطلق بسرعة هائلة، أخذت الكتلة تقترب شيئا فشيئا، حتى استطاع أن يتبين معالمها، كان نسرا ضخما لم ير مثله من قبل، أدرك بعقله المفكر أن ذلك النسر ليس إلا واحدا من الآلهة يقوم بمغامرة غير عادية، مر النسر فوق القلعة، حجب بجسمه الضخم وجناحيه الكبيرين ضوء الشمس عن القلعة بأكملها، لم يجرؤ سيسفوس أن يرفع وجهه إلى أعلى، لكنه سمع صرخات استغاثة، كان صوت أنثى تستغيث، فرفع وجهه فجأة إلى أعلى ليشاهد بين مخالب النسر فتاة تبكى فى حرقة وتصرخ فى فزع، انقشعت الغمامة، وعاد ضوء الشمس، وفر النسر بسرعة نحو البحر ، أرسل سيسيفوس نظراته الثاقبة تلاحق النسر، الذي حط فوق جزيرة مهجورة غير بعيدة عن الشاطئ، ذهب سيسيفوس فى غيبوبة، وراح فى نوم عميق، ثم أفاق من غيبوبته على صرخات استغاثة تصم أذنيه، فظن أنه مازال يفكر فى الفتاة التى رآها بين براثن النسر، تكررت الصرخات، ولكن هذه المرة صرخات مختلفة، كانت صرخات رجل، ورأي أمامه شخصا يعرفه، كان أسوبوس العجوز وقد بدا على وجهه الحزن والالم، بكى العجوز بين يدى سيسيفوس الذي سأله عن سر بكائه، فشرح له الأمر٠ وقال له أن لديه ابنة تدعى انجينا، رآها رب الأرباب زيوس ذات يوم، فأعجب بها، ولكنها لم تبادله الاعجاب، جاذبها أطراف الحديث فقطعت عليه أحاديثه، طاردها، تحاشته، حاول أن يغتصبها، قاومته، ظل يطارها فى صحوها ومنامها، فظلت تشكو لوالدها الذي حاول أن يبعد زيوس عن طريق ابنته، ولكن زيوس أصر على مطاردتها، ففكر الأب أن يبعدها عن طريق زيوس ، فسجنها فى القصر ، وشدد الحراسة على مداخله ومخارجه٠ ولكن فجاة اختفت انجينا، زيوس هو الذى خطفها ليغتصبها، بحث عنها والدها فى كل مكان لم يجدها، وهاهو قد جاء إلى مملكة سيسيفوس ليسأله إن كان يعرف شيئا عن ابنته٠
سمع سيسيفوس قصة ايجينا، كان عقله الذكى يعمل أثناء حديث الوالد المكلوم، ربط العقل الذكى بين مارواه والدها بان زيوس قد اختطفها، وبين النسر الهائل الذي رآه يحمل فتاة مذعورة٠ لا شك ان زيوس حول نفسه الى هذا النسر وأمسك بالفتاة بين مخالبه، وانطلق فى الفضاء فوق سطح الارض حتي حط فوق الجزيرة المهجورة، ثم عاد إلى صورته الأصلية، لاشك انه الآن يعد فريسته العذراء ليلتهم عذريتها٠
هو الوحيد الآن الذى يستطيع أن يطمئن الوالد العجوز على ابنته بعد أن رآها وعرف اين يحتفظ بها زيوس، تهلل وجه والدها، انفرجت أساريره وسأله فى لهفة متى رآها وأين هما الان، أجاب سيسيفوس اللئيم، أتعتقد أننى أقدم لك هذه المعلومات دون مقابل؟
كان اسوبوس يعلم أنه انتهازى، وأنه يعمل الشر من أجل الشر ذاته لكن لن يعمل الخير بدون ثمن، وعليه أن يرضخ لرغباته٠ وبالفعل طلب سيسيفوس ما أراد وحققه له اسبوس دون مساومة، وعلى الفور أخبره سيسيفوس بما رأى وأشار إلي الجزيرة المهجورة حيث حط النسر، ونصحه بالذهاب إلى هناك حتى يظبط زيوس متلبسا، فأسرع اسبوس نحو الجزيرة، لكنه وصل بعد فوات الاوان، فقد كان زيوس قد اغتصب الفتاة.
أحس زيوس بوجود الوالد المكلوم، ولكن لم يكن هناك من يستطيع أن يقهر رب الأرباب، فتحول فجاة إلى صخرة ضخمة غطت سطح الجزيرة على اتساعها، حتى بدا سطح الجزيرة جبلا شاهقا، واختفت اجينا خلف الجبل، وفشل الأب فى العثور على ابنته٠
وعلم زيوس بأمر سيسيفوس، وأنه هو الذى أفشى سر رب الارباب، وأسرار الآلهة يجب أن تحفظ٠ فغضب زيوس غضبا عظيما وصمم على الانتقام.
طلب من شقيقه هاديس حاكم عالم الأموات أن ينتقم منه، فأرسل إله الموت ثاناتوس إلي سيسيفوس ليقبض روحه ويصبح من رعايا هاديس، واستقبله سيسييفوس فى قصره بترحاب، وحاول أن يقنعه بذكاء أن يؤجل مهمته إلي حين، ورفض إله الموت بشدة ولكنه فى النهاية وافق.
وأثناء تلك الفترة استخدم سيسيفوس معه بدهاء حيلة ذكية ماكرة فر بعدها بسرعة البرق، وأغلق أبواب القصر، فاكتشف إله الموت أنه أصبح سجينا فى القصر ٠
وظل هاديس ينتظر عودته طويلا بدون فائدة٠
وعلم اريس اله الكرب بقصة غياب إله الموت فذهب الى القصر يبحث عنه فى كل مكان حتى وجده سجينا فى حجرة نوم سيسيفوس، ففك قيده.
وعاد إله الموت كسيرا إلى هاديس، الذي أمره أن يخرج على الفور، وأن يضاعف ساعات عمله حتى يستطيع أن ينجز ما تعطل من أعمال أثناء فترة وجوده فى قصر سيسيفوس، أما سيسيفوس فقد بحث عنه إله الحرب اريس وأتى به إلي هاديس مقيدا مقهورا.
وجلس سيسيفوس فى عالم الموتى يفكر ، إذ لم يفقد الأمل فى النجاة، وفي ذات يوم تسلل إلى مخدع برسيفونى زوجة هاديس، وأخبرها أن إله الحرب هو الذى جاء بروحه إلي هنا، وأن زوجته ميروبى مازالت تترك جثته فى العراء، وذكرها أنه ليس من العدل أن يسمح لروح بالدخول إلى عالم الموتى مادامت جثة صاحبها لم تدفن بعد.
كانت حجته قوية، ورجاها أن تسمح له بصفة شخصية أن يغادر عالم الموتى لمدة ثلاثة أيام فقط، يعود خلالها إلي مملكته، ليعاقب زوجته التى لم تدفن جثته، ويطلب من أحد أقاربه أن يقوم بهذه المهمة بدلا منها.
ترددت برسيفوني، ووعدته أن تعرض الأمر على زوجها هاديس، فأقنعها سيسيفوس أنه بعتمد عليها، وكرر رجائه حتى أشفقت عليه، لكنها أرادت أن تتأكد من صدق كلامه، فأرسلت رسولا إلي مملكته، وعاد الرسول يؤكد أن جثة الملك لم تدفن بالفعل وان زوجته ترفض دفنها.
غضبت برسيفونى من مبروبى، وسمحت له بالمغادرة، وأمرته أن يعاقب زوجته عقابا شديدا.
عاد سيسيفوس إلى وطنه، واستقبلته زوجته ميروبى، فشكرها على وفائها واخلاصها، فلقد ساهمت فى إنجاح خطته، حيث كان قد اتفق معها على عدم دفن جثته حتى تتيح له فرصة الهروب من عالم الموتى٠
جن جنون زيوس، لم يستطع أن يتحمل صفاقة سيسيفوس أكثر من ذلك، وتذكر على الفور الإله هرميس، رسول الآلهة الماكر اللبق، فأمره ان بذهب إلي سيسيفوس، واستخدم هرميس كل وسائله، واستدرجه حتى أوصله إلى مملكة هاديس، وهناك لم يتركه زيوس يفكر لحظة واحدة، ووجد قضاة عتاة لا يعرفون الرحمة، ونطقوا بالحكم الذى كان قد قرره زيوس من قبل.
سوف يبقى فى عالم الموت إلى الأبد، وعليه أن يحمل على كتفيه صخرة ضخمة فى حجم الصخرة التى تحول إليها زيوس، يحملها ويتسلق جانبا وعرا منحدرا لجبل شاهق حتى يصل إلى القمة ويضعها هناك٠
وتم تنفيذ الحكم فى التو واللحظة، وحمل سيسيفوس الصخرة فى عناء وجهد حتى وصل الى القمة، فحاول أن يضعها فوق القمة، لكنها اندفعت بقوة رهيبة وتدحرجت حتى وصلت إلى سفح الجبل، فهبط إلي السفح ليحمل الصخرة على كتفه ويصعد بها من جديد٠ ومازال سيسيفوس حتى الآن يحاول أن يضع الصخرة فوق قمة الجبل، وما زالت الصخرة تندفع بقوة رهيبة من القمة حتى تصل إلى سفح الجبل مرة أخرى٠
نادية البنهاوي
  • إرسال موضوع جديد
  • إرسال مساهمة في موضوع

الوقت/التاريخ الآن هو السبت 27 أبريل 2024 - 10:58