الإنسانية



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الإنسانية

الإنسانية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الإنسانية

الارتقاء الى المستوى الإنساني


  • إرسال موضوع جديد
  • إرسال مساهمة في موضوع

غريب في وطنه: جانب من حياة أقباط مصر

أبو عماد
أبو عماد
Admin

عدد المساهمات : 796
تاريخ التسجيل : 20/11/2012
العمر : 68
الموقع : damas
21062020

غريب في وطنه: جانب من حياة أقباط مصر Empty غريب في وطنه: جانب من حياة أقباط مصر

مُساهمة  أبو عماد


التّاريخ هو  25يناير 3573م، ال ّذكرى ال ّسنويّة الأولى للثورة
الّتي أطاحت بالرئيس المصري حسني مبارك. يستيقظ سمير
في ال ّرابعة فجرا. يعيش سمير في جنوب غرب المقطم
بالقاهرة، حيث ما يزال ُك ّل شيء مظلما، بدون أي أثر لضوء
القمر. سمير في التّاسعة عشر من عمره، ُمتعب وغاضب، «أنا
قبطي»، يقولها لي بتح ٍد. ويستطرد «كوني أقوم بجمع القمامة،
هذا لا يعني أنني سلة مهملات». ثم يبدأ مشوار عدة أميال إلى
العمل.
كان سمير يسلك نفس الطريق قبل عام للانضمام إلى
المتظاهرين في ميدان التّحرير. واليوم بينما هو يتج ّول في
العاصمة يجمع النّفايات يعود الميدان إلى أفكاره ُمج ّددا. يُعتبر
عمله في جمع القمامة من الأعمال الّتي تثير امتعاض
ال ُمسلِمين، فهي بالتّالي مخ ّصصة بشكل تقليدي للأقباط؛
المسيحيّين الّذين يُعتقد أن نسبتهم من ستة إلى عشرة في المئة
من سكان مصر. كان الأقباط يستخدمون بقايا الطعام لإعاشة
الخنازير التي يربونها في منطقة المقطم، ولكن هذه الممارسة
انتهت بشكل مفاجئ قبل عامين. فب ُح ّجة تفشي أنفلونزا
الخنازير، أمرت الدولة بذبح جميع الحيوانات الموجودة في
جنوب القاهرة. بيد أن سمير بات ُمقتنعا بأن المسؤول عن هذا
هم الإسلاميون، وأن هذا الأمر لم يكن بهدف ال ّسيطرة على
المرض. في الواقع كان هدفهم ال ّرئيسي هو ُمعاقبة «الكفار».
قال لي سمير إن سقوط مبارك لم يضع حدا للتمييز الموجود
ضد شعبه، بل على العكس من ذلك: إن وضع الأقباط أصبح
أكثر سوءا اليوم من أي وقت مضى. ونتيجة لذلك، فإن سمير
يقاطع الاحتفالات بذكرى الثّورة.
كان العديد من زملائه الأقباط غادروا البلاد الآن، لكن سمير
يقول: «أنا لست غنيا، ولا أستطيع تغطية مصاريف مغادرة
البلاد. وفي ُك ّل الأحوال أنا أرغب في البقاء. أنا أحب هذا البلد
برغم أنني هذه الأيام لا يُمكنني تحمل النّظرات الّتي أراها في
عيون غالبية ال ُمسلِمين عندما يلاحظون وشم ال ّصليب على
يدي». لا يعرف سمير جميع ال ُمسلِمين، ولكن بعضا من
أصدقائه، «ينظرون بفوقيّة إلى الأقباط». ويستطرد: »إن
الكثيرين منهم جاءوا للتظاهر خارج مبنى التّليفزيون معنا في
7أكتوبر 3577م، ولكنهم مع ذلك أقليّة فقط».
ذلك اليوم حاول فيه أقباط القاهرة المطالبة ب ُحقوقهم كمجموعة
دينيّة. عندما حاول سمير ال ُعبور من الحاجز المحيط بمبنى
التليفزيون، قام جندي في الجيش المصري بتحيّته بحرارة.
وكان هذا فخا: فخلف الحاجز كان هناك جنديان أخران استقبلوه
بالضرب. كان سمير شاهدا عندما رأى بعين ْيه مجموعة من
المسيحيّين تُسحق تحت مدرعات تابعة للجيش. كذلك رأى أحد
ال ّرجال ينشطر إلى نصف ْين تحت إحدى المدرعات أثناء
محاولته لإنقاذ زوجته. قُتل في ذلك اليوم ستة وعشرون قبطيا
وأصيب مئات الآخرين. أما الشيء الّذي صدم سمير فلم يكن
وحشيّة الجنود؛ فهم قاموا بقتل ال ُمسلِمين بنفس اللامبالاة أيضا
كما يقول، المفجع والصادم كان عدد ال ُمسلِمين الّذين ساعدوا
جنود الجيش على تطويق جماعته من المتظاهرين الأقباط.
يقول «الّذي رأيته في عيونهم لم يكن ُمج ّرد عداء. كانت
كراهية محضة». كان هناك اثنان من ال ُمسلِمين يقومون بركله
مرارا وتكرارا، ثم التقطوه من الأرض وقاموا برميه في نهر
النّيل.
قبل ستة أشهر فقط قام الأقباط وال ُمسلِمون بمظاهرات سلميّة
با
جن إلى جنب، ووقتها قام الأقباط في ميدان التّحرير بتشكيل
سلسلة بشريّة حول ال ُمسلِمين ال ُمصلّين في مشهد فريد من نوعه
ت َّم نشره على نطاق واسع. وفي غضون ذلك ش َّن أنصار مبارك
المسلّحون هُجوما على ال ُمصلّين والذين يحرسونهم. وفي وقت
لاحق قام ال ّشباب ال ُمسلِم برد الجميل إلى الأقباط حيث قاموا
بحراسة المسيحيّين أثناء القداس في الكنيسة. ولفترة وجيزة، بدا
وكأن الثّورة تخطّت أزمة ال ّدين، لكن بعد أسابيع قليلة فقط
اندلعت الاشتباكات بين ال ُمسلِمين والأقباط في الإسكندريّة. كان
اندلاع ال ُعنف هذا ردا متعجلا لحملات التّشهير العسكريّة الّتي
تستهدف الأقباط في وسائل الإعلام الرسمية، وجدت ال ُخطب
تعا
البغيضة آذانا م طفة نتيجة لسياسات التّعليم المضلّلة، كما
أشار سمير. في المدارس المصريّة، يكاد لا يُد َّرس شيء عن
الأقباط في البلاد أو عن تاريخهم، وعلى أي حال، فإن التراث
ا ِلإسلام ّي المتعالي ينظر لغير المسلمين على أنهم حثالة.
بال ّرغم من كونه غير متفائل حول مستقبل مصر، إلا أن سمير
يفعل ُك ّل ما ب ُوسعه على أمل اللحاق بقطار الدراسة بالرغم من
عدم وجود وقت للمدرسة، فهو يدرس في المنزل بعد الانتهاء
من العمل بدلا من ال ّذهاب للمدرسة. وعلى هذا المنوال، يطمح
سمير لدراسة إدارة الأعمال أو القانون في الجامعة ربما يحظى
حينها ببعض الاحترام. يتساءل سمير بأسى: «ولكن حتى لو
انتهى بي المطاف بأن أحصل على وظيفة ذات قدو فما
الّذي يمكنني فعله حيال ال ّصليب الموشوم على رسغي؟»
في جميع أنحاء العالم ا ِلإسلامي، ليس في مصر فقط، يواجه
المسيحيّون الاضطهاد. في العراق، يُه ّدد الانقراض واحدة من
أقدم المجتمعات المسيحيّة في العالم بسبب هجمات ا ِلإسلاميّين
الذين يقومون بإشعال النّيران في الكنائس بسبب وبدون سبب
على الإطلاق. لا يكاد يمر عيد الميلاد سنويا دون أن تجد
أحدهم يف ّجر نفسه في وسط جموع المسيحيّين. بعد سقوط
الإخوان في صيف  3572قام أنصار الإخوان بإحراق 13
كنيسة قبطية في كل أنحاء مصر. في ديسمبر من نفس العام،
قتل انفجا ٌر لسيارة مف ّخخة خمسة وثلاثين مسيحيا بالعراق كانوا
في طريقهم لل ُخروج من الكنيسة بعد القُداس، وعلى موقع
اليوتيوب وفي أحد الفيديوهات الأكثر وحشيّة يظهر اثنان من
ا ِلإسلاميّين وهم يُوقفون شاحنة في أحد ال ّشوارع العراقيّة،
يسألون ال ّسائق وال ّراكبين الّذين معه عن ديانتهم، زعم ال ُّركاب
أنهم مسلمون ُوهم يرتجفون من الخوف، فت ّم إجبارهم على
الخروج من ال ّسيارة، وقام أحد ا ِلإسلاميّين باستجوابهم حول
طقوس صلاة ال ّصبح لدى ال ُمسلِمين، ُمجبرا إياهم على ال ّركوع
على ركبهم، وعندما فشلوا في الإجابة قاموا بقتلهم بسلاح آلي
ر ّشاش. وفي فبراير 3570م ت ّم القبض على واحد وعشرين
مسيحي من الأقباط كانوا جميعهم من العمالة الوافدة إلى ليبيا،
فعها
وت ّم ذبحهم من قِبل داعش التي قامت بتصوير العملية ور
على اليوتيوب. وبين  3572و  3571كانت هناك مئات من
حالات الهجوم على الكنائس وبيوت الأقباط في صعيد مصر
والقاهرة والعريش، ومئات من حالات الاختفاء القسري لفتيات
أقباط تم خطفهن أو حوادث تهجير الأقباط من قراهم. وحين يتم
قتل النّاس أو تهجيرهم بسبب ديانتهم أو خلفيتهم، فهذه هي
الفاشيّة بعينها!
سيكون من الخطأ أن تجمع كافة ال ُمسلِمين في العالم كلّه في كفّة
واحدة معا، فمعظم المسلمين شعروا بال ّصدمة مثل أي شخص
آخر ج ّراء هذا النّوع من الإعدامات والتهجير. ولكن لا ينبغي
الاستهانة بعدد الّذين تربّوا على الكراهية واضطهاد
المعارضين وال ّزنادقة. يُنكر كثير من ال ُمسلِمين اليوم على
نما
المسيحيّين الح ّق في الوجود على الإطلاق لكونهم ُكفّارا، بي
يُجبَر المزيد من المسيحيّين العرب على الفرار من ال ّدول
العربيّة تماما كما حدث كثيرا مع اليَهُود العرب. هناك القليل
فقط من المسلمين يعترفون بأن هذه ثقافة إيذاء النّفس. إنها
ال ّرغبة ال ُمل َّحة لتطهير القطاعات العا ّمة والخا ّصة من ُك ّل ما هو
غير إِسلامي. إنه الانحطاط الحضاري والشعب المنغمس
بال ّدين والثّقافة القبليّة الّتي أصبحت بالية، بشك ٍل واضح، في
يومنا هذا
حامد عبد الصمد
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

لا يوجد حالياً أي تعليق

  • إرسال موضوع جديد
  • إرسال مساهمة في موضوع

الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 9 مايو 2024 - 18:09