الإنسانية



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الإنسانية

الإنسانية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الإنسانية

الارتقاء الى المستوى الإنساني


  • إرسال موضوع جديد
  • إرسال مساهمة في موضوع

الجذور التاريخية لشخصية الشيطان الغيبية

أبو عماد
أبو عماد
Admin


عدد المساهمات : 796
تاريخ التسجيل : 20/11/2012
العمر : 68
الموقع : damas

الجذور التاريخية لشخصية الشيطان الغيبية Empty الجذور التاريخية لشخصية الشيطان الغيبية

مُساهمة  أبو عماد الثلاثاء 10 نوفمبر 2020 - 23:45

منذ بداية الخليقة عرف الإنسان أن هناك خير ً ا وشرا، لكنه لم يكن يعرف كيف يرمز لهاتين الكلمتين كما نفعل اليوم من خلال المفهوم الكلاسيكي للملائكة والشياطين، لهذا اكتفت الحضارات القديمة على تصوير أو فهم الخير والشر عن طريق الآلهة التي صنعتها وصو ٌ رتها، فكان هناك آلهة ّ للخير وأخرى للشر ّ في كل الحضارات. وكان قد تم تصوير الشر بالعفاريت والجن والأرواح الشريرة كما في حضارة السومريين والبابليين والآشوريين وغيرهم. وعلى سبيل المثال كان في سومر إله للشر باسم العفريت « إساج» يمثّ ّ ل الشر ً والأمراض والأوبئة، وكان واحدا من كائنات العالم السفلي (عالم الأموات - عالم اللاعودة،) وقد عبده السومريون اتقاء لشره.
ٌ وبجانب إساج كان هناك إله ٌ آخر للشر هو «حدد ً أو هدد» والذي أصبح فيما بعد إله ً ا للآشوريين، وتمت عبادته أيضا خوفً ِ ا واتقاء لشره ً ، لأنه كان إله ُ ا مرعبً ً ا للأجواء، يمتطي العواصف ويخور كالثور رافعا بيديه شوكة البرق الثلاثية. كذلك كان هناك جن ٌ وعفاريت كثيرةٌ مثال: نمتار، ماميتو، أودو، حديم، جالا، دمة، لوليلا، سمانة، بزوزو، ألاد، لاما، شدو، لاماسو، أوتوكو، وغيرهم. وكانت كلمة «مريض» في اللغة السومرية تعني: الشخص الذي يسكن في داخله عفريت!
ٌ أما في بابل فقد كان هناك صراع ٌ دائم ّ بين قوى الخير والشر ّ منذ بداية ما سموه قصة الخلق البابلية (إينوما إيليش - عندما في الأعالي،) والحرب الضروس بين الإله «مردوخ» وإلهة الشر «تعامات» التي انتصر فيها مردوخ في نهاية المطاف.
ٌ لم يكن للعفاريت دور ٌ بارز في مجمع الآلهة في بلاد الرافدين، ولكن كان يُ ُ تقى شرهم بالتعاويذ والرقى، وغالبًا ما كانوا يُ َّ صورون كمارقين، فقد طُ ِردت العفريتة «لاماشتو» من السماء بسبب شرورها! وربما من أسطورتها أو قصتها تم اقتباس فكرة طرد الشيطان من الجنة لاحق ُ ا في الديانات التوحيدية التي ع ِرفت بكثرة اقتباساتها من حضارة وأساطير ما بين النهرين وكنعان ومصر القديمة.
يقول الكاتب علي الشوك في كِ ّ تابه «الأساطير:» «كانت العفاريت تضمر الشر للبشر وتسبب لهم مختلف الأمراض، ومن هنا نشأت الفكرة البابلية عن الأمراض والقول بأن مصدرها الأرواح الشريرة التي كانت تُ َص َّو ٍ ر ككائنات على هيئة ريح ٍ أو عاصفة، وكان بوسع أي شخص ُ من عامة الشعب تقديم شكوى إلى المحكمة ضد العفاريت م ِ لتم ًسا العون من الإله «أوتو» إله الشمس لينصره على العفاريت.»
ً وربما من هنا أيض ِ ا جاءت فكرة محاكمة السحرة في القرون الوسطى في أوروبا م ِ ن قبَل الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية!
كذلك نرى أن عملية التخويف والترهيب دينيً ُ ا ليست من مبتكرات الأديان التوحيدية كما قد يظن البعض، بل

كانت ُتم َ ارس في المجتمع البابلي القديم، كذلك كان الكهنة في بابل قد زرعوا في أذهان عامة الناس بأن الخطيئة هي السبب الأول لدخول العفاريت والجن إلى داخل جسم الإنسان! ومن أشهر الخطايا يومذاك: إهمال الطقوس الدينية والسرقة والقتل وهي نفس الكبائر تقريبًا ٌ في خطايا اليوم، كذلك كانت هناك فكرةٌ ترهيبية تقول: «إذا أذنب الإنسان.. تخلى عنه إلهه الحارس،» فيصير جسده مفتوحا للعفاريت التي ستُ ٍ هاجمه على صورة أمراض ٍ خبيثة ٍ وكوابيس أو من خلال الجنون والعاهات النفسية والجسدية، ولا زالت هذه الأفكار الترهيبية م ً مارسة من قبل الأديان التوحيدية إلى حد اليوم!
ُ وعلى سبيل المثال فقد كان عفريت «الح ّمى» أقبح العفاريت شكلا ًحيث له رأس أسد ٍ وأسنان حمار وأطراف نمر ٍ أرقط ويحمل في يديه أفاعي سامة ً هائلة ٌ بينما كلب ٌ أسود ٌ وخنزير يُ ِ داعبان ثدييه! وهذا
ً أيضا ُيم ً كن أن يكون اقتباسا آخرا، لأنه يُذكِّرنا بعداء النبي محمد الدائم -والذي ليس له تفسير- للكلاب والخنازير! وفي الديانة المانوية (ديانة ٌ قديمة ظهرت بعد الزرادشتية في إيران - القرن الثالث ق.م لمؤسسها ماني) كان يُ ّ عتقد بمبدأين «الخير والشر أو النور والظلام» وس َ مي الشيطان ب «أمير الظلام».
ّ كذلك قالت الديانة الفارسية المزدكية بثنوية الخير والشر. وفي الديانة البوذية كان «مارا» يمثّ ّ ل الشر من خلال الشهوة والموت وهما الخصمان التوأمان للنرفانا.
ً أما في مصر القديمة فكان الإله «سيت» رمزا للقوى السالبة في الحياة والكون، كذلك أصبح الإله «حورس» رمزا للقوى الموجبة، وهذان الإلهان كانا نتيجة لأفكار وقناعات المصريين في أن الكون يحمل قوتين متضادتين ومتعاونتين في ذات الوقت من خلال ثنائية النور والظلام والنظام والفوضى، ورأوا في جميع الظواهر الحياتية نتاجا لتداخل هاتين القوتين (التوأم) وفعلهما المُشترك.
مجلة الملحدين العرب العدد 41
  • إرسال موضوع جديد
  • إرسال مساهمة في موضوع

الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء 8 مايو 2024 - 20:54