الإنسانية



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الإنسانية

الإنسانية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الإنسانية

الارتقاء الى المستوى الإنساني


  • إرسال موضوع جديد
  • إرسال مساهمة في موضوع

أنماط هجرة الغزال النرويجي الأحمر

أبو عماد
أبو عماد
Admin


عدد المساهمات : 795
تاريخ التسجيل : 20/11/2012
العمر : 68
الموقع : damas

أنماط هجرة الغزال النرويجي الأحمر  Empty أنماط هجرة الغزال النرويجي الأحمر

مُساهمة  أبو عماد السبت 24 نوفمبر 2012 - 21:26



تُظْهِر مراقبة أنماط هجرة الغزال النرويجي الأحمر أن بعض الحيوانات تركب موجات الغطاء النباتي الأكثر اخضرارًا أثناء انتشار الربيع في المنطقة، بينما تقوم حيوانات أخرى بالقفز مسبقًا إلى حيث تتوقّع وجود نوعية جيدة من الغذاء.


: نيتشر / جون م. فريكسل & تال أفجار

تعتَبر الهجرة الجماعية للحيوانات واحدة من أكثر الأمور غموضًا في الحياة. إننا نرى الطيور تقوم بها، والحشرات، بل وحتى السَّمَك في البحار العميقة الواسعة، ولكن ما الذي يدفع هذه الكائنات إلى التخلي عن موطن يبدو جيدًا نسبيًّا؛ والانطلاق والحركة بهذا الانتظام الرتيب في سبيل البحث عن غيره؟ على صفحات "أميركان ناتشراليست" قام بيشوف وآخرون1 بعرض دراسة ميدانية عن الغزال الأحمر (واسمه العلمي Cervus elaphus) ـ ويظهر في (الشكل 1) ـ في النرويج وهي تقدم لمحة عن الطريقة التي تتم بها هذه الظاهرة. وتشير مراقباتهم إلى أن الهجرة تتيح للغزلان الاستفادة من الظروف الغذائية المتغيرة المؤقتة في مناطق مختلفة من البلاد، التي تنتج عن اختلاف خطوط الطول والعرض.

وتبدو مثل هذه الاستراتيجية السلوكية معقولة فقط في عالم لا تتشابه فيه عوامل النمو بين مكان وآخر. وهي حقيقة معروفة لكل بستاني، فعلى سبيل المثال.. إن حدوث موسم النمو في خطوط العرض الأعلى يكون أبطأ مما هو عليه قرب خط الاستواء. كما أن النباتات في خطوط الارتفاع الأعلى تتعرض للربيع في وقت متأخر عن تلك النباتات الموجودة عند مستوى البحر².

وفي بلد مثل النرويج تتظاهر هذه الوقائع الجغرافية على شكل موجات من الاخضرار، تبدأ في نهاية الشتاء، وتمتد بالتدريج نحو الشمال، وإلى ارتفاعات أعلى خلال الربيع والصيف

وتستفيد الثدييات العُشبية من الاعتماد على براعم نامية بسرعة وغَضَّة كغذاء لها، أكثر من استفادتها من تناول النباتات الأقدم التي تحتوي على مركبات غير قابلة للهضم، مثل اللاينين، والسيلولوز4 . وبعد مُضِيّ شتاء قاسٍ وطويل، ستحتاج الحيوانات إلى اكتساب بعض الوزن؛ لتعوِّض ما فقدته. وثمّة حيوانات إناث مُرضعة يتطلب جسمها الغذاء، وكنتيجة لهذا.. فإن مثل هذه الحيوانات بحاجة إلى إيجاد قِمَم وذُرَى هذه الموجات الخضراء، بينما تنتقل عبر الأراضي. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن بعض الحيوانات العشبية ـ كحيوان الألكة مثلاً في جبال روكي3، أو الغزلان في منغوليا5 ـ تحصل على طعام أفضل مما تحصل عليه الحيوانات التي لا تهاجر. وإلى الآن لم تبيّن الدراسات السابقة ما إذا كانت الحيوانات المهاجرة "تركب" على قمة موجة اخضرار واحدة؛ فتتبعها، وتنتقل معها باستمرار خلال موسم النمو، أو ما إذا كانت هذه الحيوانات "تقفز" بين قمم الموجات (الشكل 2). ومن الصعوبة بمكان قياس مدى نجاح استراتيجية حركة معيَّنة، مقارنةً بغيرها، وذلك لأن الهجرة تحدث على امتداد مساحات واسعة. وقد قام بيشوف وزملاؤه بحل هذه المشكلة باستخدام طريقة أنيقة من الحسابات الإحصائية، تمكِّنهم من فَهْم كيف تعرف الحيوانات المهاجرة فائدة الأماكن المختلفة، كما أنها تمكِّنهم من تقييم التحسن الذي سَيَطْرَأُ على استهلاك الغذاء، بسبب الهجرة، ومقارنته في كل أنماط الهجرة على اختلافها. ويستعمل الباحثون ـ لحل هذه المشكلة ـ دليلاً للحياة النباتية باستخدام القمر الصناعي، ويُدعى NDVI، وهو عبارة عن مؤشر لوفرة الغطاء النباتي² يُستشعَر عن بعد. وتمكَّن الباحثون من تحديد تقريبي لتاريخ فترة أسرع نمو نباتي في كل موقع، عن طريق استخدام صور نصف شهرية، التقطها NDVI على مدى تسع سنوات، ثم قاموا بإعداد مصفوفة تربط بين المعطيات المتعلّقة بنمو النباتات، وبين التسلسل المؤقت لمواقع وجود الغزلان، وذلك فيما يخص 294 حيوانًا. وتدلّ القِيَم الموجودة على الخط العمودي لكل مصفوفة على قياس نوعية الغذاء التي اختبرها حيوان بعينه خلال فترة موسم النمو، بينما القيم الموجودة ما بين غير ذلك من مركّب الصفوف والأعمدة تعكس قيمة الغذاء التي كان من الممكن الحصول عليها، لو هاجر الغزال في أوقات أخرى. ولو أن غزالاً بعينه يركب فعلاً الموجة الخضراء، فإن المقادير الدالة على نوعية الغذاء عبر مصفوفته العمودية ستتجاوز نظيرتها في أي تاريخ رحيل آخر.

كما قام بيشوف وزملاؤه بالتفريق بين الحيوانات المهاجِرَة، وتلك المُقِيمَة. وتبيِّن النتائج أن الحيوانات المهاجرة تتفاعل بيئيًّا أفضل من الحيوانات المُقِيمَة التي تُؤْثِر أنْ تظل في موطنها الشتوي، عوضًا عن الهجرة. وقام الباحثون بمقارنة الغزلان في مناطق مختلفة من النرويج؛ وتوصَّلوا إلى ما يدل على أن نسبة الحيوانات المهاجرة توازن الأرباح المحتملة التي يمكن الحصول عليها. ومما يدعو إلى الدهشة أن الباحثين وجدوا أن معظم الحيوانات المهاجرة لا تركب الموجة الخضراء، وإنما تقفز فوقها؛ فتصل إلى نطاقها الصيفي قبل حلول ظروف التغذية الأمثل. والأكثر من هذا.. أنه يبدو أن بعض الحيوانات تقفز من قمة إلى قمة خلال الفصل الواحد؛ وهذا يدل على أن كثيرًا من الغزلان لا تتبع استراتيجية الحصول على التغذية المثلى، ولكن رغم هذا.. تستفيد، وإنْ كانت الاستفادة بدرجة أقل، من خلال القفز الدوريّ إلى مَرَاعٍ أكثر خُضْرَة. ويظل السؤال العالق بالأذهان قائمًا، وهو: لماذا تفعل الحيوانات هذا؟ ربما تنبع سياسة القفز من حاجة الحيوانات إلى تحقيق التوازن بين التغذية، والتكاليف الفسيولوجية، ومخاطر الافتراس، وغيرها من الصعوبات التي قد تؤثر على بقائها ونجاتها خلال موسم الهجرة3.

وكما هو الحال في كل المقاربات الجديدة، تُوجَد في هذه الدراسة افتراضات بحاجةٍ إلى المناقشة والتساؤل، فعلى سبيل المثال.. ثمة حاجة إلى المزيد من الأدلة بأن تاريخ أسرع نمو للنباتات ينعكس فعليًّا بأقصى نوعية غذائية. كما أن هناك بعض الشَّك حِيَال تصنيفات المؤلّفين، إذ غالبًا ما يصعب التفريق بين الحيوانات المهاجرة والمُقِيمَة في الفصائل الحيوانية التي تحتل موطنًا واسع النطاق، خاصة عندما تحدث الحركة على شكل سلسلة من القفزات، وليس تقدمًا سلسًا. وربما يكون الأمر الأكثر أهمية هو أنه رغم أن طريقة المؤلفين تسمح بتقييم صارم للنتائج البيئية الناجمة عن أنماط مختلفة لتوقيت الحركة عبر مسار واحد، إلا أنها لا تخبرنا بالقيمة النسبية المتعلقة بمسار مكاني بعينه، قياسًا إلى الرقم غير المحدود من غيره من الأنماط المحتملة. وهذا يستحضر مشكلة تعظيم الأداء وتقليل التكاليف والتي يشار إليها عادة بمسألة مندوب المبيعات (The Travelling Salesman) المكلف بتحقيق عدد معين من الأهداف بأقل قدر من المسافات6. ومع أنه لا يمكن حاليًا حل مثل هذه المشاكل المكانية المعقدة، إلا أنه يمكن الاستعانة بتقنيات جديدة للنماذج الإحصائية، تعتمد على التقييمات الترجيحية؛ ويمكن من خلالها الحصول على تقديرات موثوقة7 .

وبغض النظر عن هذه التعقيدات.. فإن دراسة بيشوف وزملائه تلقي نظرة جديدة على علم بيئة الحركة، وهو حقل جديد مزدهر، يمزج بين تطورات نماذج الحركة والتطوّرات التقنية التي تتيحها أنظمة المعلومات المعتمدة على الأقمار الصناعية8 . ومن المفترض أن يكون المنطق الذي استخدمه المؤلفون قابلا للتطبيق بشكل أساسي على طيف واسع من أنماط الحركة لدى الحيوانات، يمتد من النَّمط الرَّعوي إلى النمط الإقليمي، حيث السيطرة على منطقة بعينها. ويبدو أننا نقترب من اليوم الذي يمكننا فيه التنبؤ بالنمط المعقّد للخطوات، الذي يقوم به فرد خلال حياته بأكملها. وسيعتمد هذا التنبؤ على فسيفساء التحوُّل المستمر في الموارد والتكاليف التي تواجه هذا الفرد.

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]

By: Yasser Muhamma


  • إرسال موضوع جديد
  • إرسال مساهمة في موضوع

الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 19 أبريل 2024 - 17:30