الإنسانية



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الإنسانية

الإنسانية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الإنسانية

الارتقاء الى المستوى الإنساني


  • إرسال موضوع جديد
  • إرسال مساهمة في موضوع

سورية: خمسة آلاف سنة من الاحتلال

أبو عماد
أبو عماد
Admin


عدد المساهمات : 796
تاريخ التسجيل : 20/11/2012
العمر : 68
الموقع : damas

سورية: خمسة آلاف سنة من الاحتلال Empty سورية: خمسة آلاف سنة من الاحتلال

مُساهمة  أبو عماد الإثنين 18 نوفمبر 2019 - 21:50


بقلم طريف يوسف آغا

يسأل البعض لماذا وصلت سورية إلى ماهي عليه اليوم من إحتلال متعدد الجنسيات لأجزاء من أراضيها، وأقول لهؤلاء ومتى كانت سورية تحكم نفسها بنفسها، على الأقل للخمسة آلاف سنة ماضية، إذا ماكنا نرغب بالذهاب زمنياً أبعد من ذلك؟ أرغب بالتنويه هنا أن مقالي هذا تاريخي بحت ولايأخذ بعين الاعتبار أو يفضل أي دين على آخر.
إذا عدنا لتاريخ سورية القديم أو المتوسط أو الحديث، لن نجد أن سكان سورية في أي وقت قد شكلوا إمبراطورية حكمت نفسها بنفسها وقامت بغزو جيرانها كما فعلت غيرها من الأمم القريبة منها أو البعيدة عنها كالبابليين والآشوريين والاغريق والفراعنة والفرس والرومان والمغول والعثمانيين وغيرهم. فإذا عدنا خمسة آلاف سنة إلى الوراء، نرى كيف أن (الحثيين) القادمين من الأناضول وشرق أوربة تصارعوا على احتلال سورية مع (الفراعنة) المصريين ثم تواجهوا في معركة (قادش) قرب حمص ليأتي (الأشوريون) من العراق ويقضوا على (الحثيين) ويحلوا محلهم ثم ليتبعهم (الفرس) ويعيدوا القصة. في عام 333 قبل الميلاد انتزع (الاغريق) بقيادة الاسكندر المقدوني سورية من (الفرس) حيت بقيت تحت سيطرتهم حتى انتزعها منهم (الرومان) عام 64 قبل الميلاد ودعوها ولاية سورية الرومانية. كان العرب (الغساسنة) يسكنون سورية في ذلك الوقت وتحالفوا مع الرومان ضد الامبرطورية الفارسية في الشرق. حاولت ملكة تدمر (زنوبيا) الاستقلال عن روما في القرن الثالت الميلادي، إلا أن طموحاتها السياسية كانت أكبر من حجمها وحجم مملكتها، فجهز الرومان جيشاً جراراً سار إلى تدمر وهزمها وأخذها أسيرة إلى روما بالسلاسل.
مع نزول الإسلام في النصف الأول من القرن السابع الميلادي وتوحيده للقبائل، تحول سريعاً لقوة عسكرية في شبه الجزيرة العربية. تم تسيير حملة انتزعت سورية من الرومان بعد معركة (اليرموك) ليعلن (معاوية بن أبي سفيان) بعد انتهاء الخلافة الراشدة في النصف الثاني من نفس القرن انتقال الحكم إلى دمشق وقيام الدولة (الأموية) التي استمرت لقرابة المئة عام. في منتصف القرن الثامن الميلادي قامت في العراق ماتعرف بالثورة العباسية والتي قضت على الدولة الأموية وانتقل الحكم بعدها إلى بغداد وأصبحت سورية تابعة للدولة (العباسية) والتي استمرت لحوالي المئتي عام.
مع بداية القرن الحادي عشر، وصلت الحملة (الصليبية) الأولى إلى الساحل السوري واحتلت أجزاء لايستهان بها منه ومن أراضي لبنان وفلسطين معلنة بدء الحملات التي استمرت للقرنين القادمين. شهدت سورية خلال الحكم العباسي الغزو (الفاطمي) من مصر وكذلك حكم (السلاجقة) ثم (الأيوبيين) ثم (المماليك). تعرضت البلد في نهاية القرن الثالث عشر للغزو (المغولي) الذي أحرق حلب ودمشق بعد بغداد ليتم إيقافه من قبل (المماليك) في معركة (عين جالوت)، وهم أيضاً من هزموا آخر الحملات الصليبية وأنهوها. بعد حوالي القرن على هزيمة المغول بقيادة (هولاكو)، عادت حملة مغولية جديدة بقيادة (تيمورلنك) وأحرقت معظم المدن السورية من جديد. (العثمانيون) القادمون من الشمال احتلوا سورية في بداية القرن السادس عشر وضموها لسلطنتهم بعد هزيمتهم للماليك في معركة (مرج دابق) حيت استمر احتلالهم لها حتى بداية القرن العشرين وهزيمتهم في الحرب العالمية الأولى. انتقلت سورية بعد ذلك للاحتلال (الفرنسي) بعد معركة (ميسلون) عام 1920 وذلك حتى عام 1946 لتنال استقلالها مع نهاية الحرب العالمية الثانية.
شهد النصف الثاني من القرن العشرين انتهاء مايعرف بالاستعمار القديم وبدء الاستعمار الجديد والمتمثل بالتبعية الاقتصادية والسياسية حيث رأت الدول العظمى أن احتلالها العسكري للدول الضعيفة لم يعد مجدياً إقتصاديا ناهيك عن السمعة السيئة. وبالتالي ارتأت أن تنصب وكلاءً لها من نفس الدولة ليقوموا بتأمين مصالحها وفرض سياساتها وتسهيل نهبها لخيرات تلك الدولة تحت مسميات مختلفة كالصداقة أو الشراكة أو التحالف والتي ماهي في الواقع إلا استعماراً ولكن بشكل جديد وتسميات جديدة. وفي المقابل منحت هؤلاء الوكلاء صلاحية حكم بلادهم بالحديد والنار حتى لايثوروا عليهم كما وأطلقت يدهم في السلب والنهب طالما أن مصالح تلك الدول العظمى مؤمنة. أي أن الجرائم التي كان يرتكبها الاستعمار لفرض احتلاله أصبح من مهمة حكام البلد المحليين.
لم تخرج سورية عن ذلك الترتيب، حيث وقعت عبر وثيقة الاستقلال أن تبقى على تعاون اقتصادي وعسكري وسياسي متميز مع فرنسا. أغضبت سياسة أول رئيس لسورية، الرجل الوطني شكري القوتلي، كل من فرنسا وانكلترا وأمريكا برفضه لاتفاقية خطوط التابلاين ولتوقيع الهدنة مع إسرائيل بعد حرب فلسطين ولتوجهاته الوحدوية مع دول الجوار، فتمت إزالته بانقلاب حسني الزعيم عام 1949 ثم توالت الانقلابات العسكرية الموالية لهذه الدولة العظمى أو تلك والتي انتهت بانقلاب حافظ الأسد عام 1970 وهو الذي فهم دور وحجم سورية في لعبة السياسة الدولية للخمسة آلاف سنة الماضية وبالتالي قام بتنفيذ المطلوب منه حرفياً دون زيادة أو نقصان. ولم تنسى الدول المهيمنة على نظامه أن تقوم بتلميعه وإظهاره بمظهر البطل القومي المقاوم والممانع في حين أنه لايمت بصلة لالهذه ولالتلك. كما ولعب هو من جهته على تناقضات الدول العظمى والاقليمية ليبقى نظامه ونظام ابنه من بعده ضرورة لاغنى لهم عنها، وأتت الثورة السورية لتثبت ذلك وتثبت أن حكم سورية لايمكن أن يكون بيد وطنيين يهددون مصالح الغرب والشرق والحليفة المدللة إسرائيل.
هذا هو قدر سورية، وهو قدر كل دولة ضعيفة لاتملك قرارها وفيها مايجذب أطماع الدول القوية، إن كانت ثروات طبيعية أو موقع جغرافي أو كلاهما معاً كما هو حالنا. ولهذا لاأرى أي أمل في المستقبل المنظور أن يتغير شئ بخصوص سورية، حتى إذا تم تغيير رأس النظام، فسيتم تعيين من يستمر بلعب الدور المرسوم له، ولربما ترحم السوريون بعد هكذا تغيير على حكم الأسد، كما حصل في مصر واليمن وليبيا وغيرها من دول العالم الثالث. باختصار شديد، الاستقلال الحقيقي ممنوع عن الضعفاء.
***
(يسمح بالنشر دون إذن مسبق)
بقلم: طريف يوسف آغا
كاتب وشاعر عربي سوري مغترب
الأحد 17 تشرين الثاني، نوفيمبر 2019
هيوستن / تكساس
  • إرسال موضوع جديد
  • إرسال مساهمة في موضوع

الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 9 مايو 2024 - 1:26